عنوان مقالي هذا قد يثير دهشة البعض ولكنه مقصود لذاته لانطباق مدلولاته مع المقولة الشائعة الساخرة (هل نعيد اكتشاف الذرة) ، فأوضاع سوق العمل بالمملكة من الغرابة والمفارقة، لتحاكي المقولة، فما يحدث من إجراءات تتصل بقطاع الأعمال أو التوطين والاستثمار الأجنبي يشير إلى السباحة عكس التيار بعيداً عن ما يحدث في أنحاء العالم إذ السعى لجذب التدفق الاستثماري والمستثمرين أولوية، بينما من يأتينا بماله قد يجد الترحيب ممزوجاً بالتعقيد مما تغيب معه معاني أن الاستثمار يضيف قيمة للاقتصاد ويوظف أيدي عاملة وطنية فضلاً عن تحقيق تنويع مصادر الدخل الوطني، ولهذا عندما لا تستصحب هذه الخلفية فإنما يتم إعادة اكتشاف الذرة بتعقيدات تقعد بالاستثمار وبقطاع الأعمال.
فيما سبق انتقدت بيروقراطية الهيئة السعودية للاستثمار الأجنبي (ساجيا) إلا أن الحق يقال إن أداءها مقارنة بغيرها صار متميزاً فقد شرعت تقدم خدمات أفادت معدلات تدفق الاستثمار الأجنبي والاقتصاد الوطني وجلبت خبرات وتقنية ومعرفة وما ينوع الإيرادات وهذا بالضبط ما يحتاجه الاقتصاد الوطني فضلاً عن هدف استيعاب الأيدي العاملة الوطنية والحد من البطالة. لا يقلل من ذلك ملاحظة ما طرأ على رفع رأسمال الأجنبي أو المطالبة بتوفر حقوق براءة الاختراع إذ العلة الحد من الاستثمار الأجنبي غير المفيد.
إن التعقيدات البيروقراطية هي ممارسات تجاوزها العصر لتأثيرها السلبي على التوظيف داخل الاقتصاد ففي أي بلد متقدم اقتصادياً من ألمانيا إلى إنجلترا وكندا أو أمريكا تستطيع أن توظف الأيدي العاملة المتوفرة في السوق وإلا فإن الجهات المسئولة عن الاستقدام، إما أن توافق على منحك تأشيرات عمل أو تحيلك للمتوفر مواطنين كانوا أو مقيمين، ولكن إن تأملنا وضع تأشيرات العمل بالمملكة نجده مختلفاً فهناك من يحصل على تأشيرات لا يستحقها وأحياناً يحصل فرد عليها فيسيء استخدامها ثم يلام كل القطاع الخاص بينما جهة ما داخل الاقتصاد هي التي وفرت التأشيرات، صحيح أن برامج نطاقات تبدو كما لو كانت تعمل ولكنها لم تحد من السلبيات، ولهذا الحملة على القطاع الخاص ربما أخطأت هدفها ولابد من توفر جدية في ربط نسب التوطين في المنشآت الخاصة وبمنح التأشيرات فإن تم ذلك لن يطول الوقت حتى ينعكس إيجاباً على معدلات التوطين والتوظيف المحلي فمنع التأشيرات مدخل لتصويب الخلل مثلما أنه مدخل للوصول بالسعودة إلى 70% أو ما فوقها ، ولهذا يجب أن لا يكون هناك أي تراخٍ من أي جهة ومن يخالف يتحمل مسئوليته النظامية، ولن نخترع الذرة إن استنتجنا أن المنشأة الخاصة بحكم أنها ربحية ستظل تبحث عن أيدٍ عاملة ماهرة بأجور منخفضة وإنتاجية عالية فهي إذن لا تلام إن سعت لتحقيق أهداف مؤسسيها وإنما يذهب اللوم لمن كان في يده القلم ولم يمنع المخالفة أو كرَّس البيروقراطية.
سبب البطالة اختراع الذرة
تاريخ النشر: 04 أبريل 2016 01:52 KSA
عنوان مقالي هذا قد يثير دهشة البعض ولكنه مقصود لذاته لانطباق مدلولاته مع المقولة الشائعة الساخرة (هل نعيد اكتشاف الذرة) ، فأوضاع سوق العمل
A A