قد لا يوجد إجماع على دقة عُمْر أقدم شجرة زيتون في العالم، إلا أن الكل يُجمع على مدى صلابة وعمق جذورها.وكذلك بدت لي العلاقات المصرية السعودية، مثل جذور متشابكة لشجرةٍ عتيقة قوية، صمدت لقرونٍ ضد أقسى الظروف. ورد في بعض كُتب التاريخ، أن كثيرا من رؤساء الأساطيل البحرية امتلكوا بيوتا في السويس وجدة، بل إن بعضهم كان له زوجة في كليهما، وذلك منتصف القرن الثامن عشر. وقد لاحظ أحد البحارة أن معظم سكان «القصير» المصرية أصولهم من ينبع ، وحتى وقتٍ ليس ببعيد تبعت محكمتا «القصير» و»قنا» إلى محكمة ينبع!. ونظراً للظروف المناخية والاقتصادية؛ نزحت قبائل عربية من الجزيرة إلى مصر حتى القرن التاسع عشر، فتشابكت بذلك صلات الدم والنسب ثم الاقتصاد والمصير.
ولما برز ميناء جدة كموقع استراتيجي، طمع البرتغاليون في السيطرة عليه، فما كان بالسلطان «قانصوه الغوري» إلا أن أمر ببناء سور كبير بستة أبراج حول جدة، جعل من دخول البرتغاليين أمراً مستحيلاً. وفي عام 1789م، أصاب نبأ استيلاء الفرنسيين على مصر أبناء الجزيرة العربية بصدمة كبيرة، حتى أن المؤرخ والشاعر النجدي محمد بن عمر الفاخري قال في الأخبار النجديّة:
يا لهف نفسي لما قد جرى توالى الخطوب على القاهرة
تولى الفرنج بها بغتة وحلّو منازلها العامرة
عندها أعلن إمام الحرم المكي الشيخ محمد المغربي الجهاد ضد الفرنسيين، فهب رجال الحجاز وألقت نساؤه حليّهم دعما لمصر. وقد أورد المدوّن محمود صباغ :
«جاء طلعت باشا حرب، إلى مكة، على رأس وفد اقتصادي رفيع، محمولا بحزمة مشروعات اقتصادية وتنموية، منها إنشاء فندق حديث في مكة، والشروع في افتتاح خط طيران تجاري بين القاهرة وجدة، وافتتاح بنك في مكة يحمل اسم بنك مصر فرعا للبنك المصري الشهير، هبطت طائرة الوفد المصري في جدة على أرض فضاء أمام بحر الأربعين.. واُستقبل الزعيم الاقتصادي الشهير، في احتفالات بروتوكولية حضرها جلالة الملك عبدالعزيز ونائبه بالحجاز الأمير فيصل، وفي ذلك الحفل ومن دون أي ترتيب مسبق، تسلَّل أحد شبّان مدارس الفلاح، وأصرّ على إلقاء قصيدة بين يدي رئيس الوفد المصري.. وما أن صُرّح له، حتى ألقاها بحماسةٍ شديدة.. يقول:
يا حمام الحِمَى تغنَّ بشعري
في رُبى الروض بكرةً وأصيلا
وارفع الصوت حين تسجع حتى..
يرد الصوت دِجلة والنيلا
علّ مِصراً تُصغي فتسمع ماذا
في ربوع الحجاز أمسى مقيلاً
الجذور الضاربة
تاريخ النشر: 10 أبريل 2016 01:19 KSA
قد لا يوجد إجماع على دقة عُمْر أقدم شجرة زيتون في العالم، إلا أن الكل يُجمع على مدى صلابة وعمق جذورها.وكذلك بدت لي العلاقات المصرية السعودية، مثل جذور متشابكة لشجرةٍ عتيقة قوية، صمدت لقرونٍ ضد أقسى ال
A A