ما انفك صديقي النيجيري الحاج «مامادوصو» يذكر معالم بلاده ومحاسنها، فتارةً يصف جبالها الخضراء، وتارةً يثني على كثرة مساجدها وآثارها الدينية.
وكم بدت عليه علامات الحيرة والأسى وهو يذكر إحصاءات المسافرين الهائلة وهي تعبر حدود نيجيريا سنويًا، في مواسم العُطَل والإجازات، قائلًا: (هذا وربي هدر لأموال الأمة، ماذا ينقص بلادنا حتى يُسافر الناس إلى دولٍ مجاورةٍ ليس لديها شيء يزيد عمّا لدينا!).
حينها قررتُ الخروج عن صمتي الأزلي وحدّثته قائلًا: (يا حاج مامادوصو، إن السياحةَ سهلٌ ممتنع، كلمة بسيطة، بين ثناياها الكثير، فهي ليست جغرافيا بلا دفء، وقد تختلف مشارب المسافرين على اختلاف أهوائهم، فهُناك مَن يُسافر لكسر الروتين، أو لتحقيق الذات، أو لشعور بالاستقلالية، وهناك مَن يُسافر وهو مضطر؛ للعمل، وهناك مَن يسافر بحثًا عن الأمل!
في الظاهرة النيجيرية يعمل الناس عشرة أشهر في مناخٍ خالٍ من الأوكسجين، لكي يتنفّسوا شهرًا أو اثنين في جمهورية الكاميرون التي تُجاورهم إلى الشرق، حيثُ المسارح والمقاهي، وقبل ذلك فهم يهربون سراعًا من «بوكو حرام»، التي سلبت من حياتهم جميع ألوان الطيف، ولم تُبقِ لهم إلا الأسود.. وشيئًا من الأبيض).
ثم أردفت: (يا حاج مامادوصو قد تُصبح هناك سياحة داخلية في نيجيريا يومًا ما، حين يستطيع المرء أن يكون «نفسه» في بلاده بلا أقنعة؛ يُلقيها على حدود المطارات والموانئ، ثم لا يلبث إلا وأن يعود إليها في بلاده ليُرضي فيها العباد لا رب العباد. قد يمكث رجال الأعمال إذا توفر لهم مناخ حاضن لا طارد، هل تعلم أن رجال أعمال نيجيريين يُقابلون نظراءهم الغربيين في دول مجاورة لسهولة ويُسر الدخول إليها؟، يا حاج مامادوصو لن يمكث الناس في نيجيريا؛ طالما أن مدير مكتب السياحة النيجيري هو أول مَن يقفز في مقعد الدرجة الأولى؛ كُلَّما لاحت عطلة هنا أو هناك! وإلى أن يحصل ما ذكرت أعلاه.. أقترح عليكم الاستثمار في عقارات وفنادق الكاميرون!).
صديقي مامادوصو
تاريخ النشر: 24 أبريل 2016 01:19 KSA
ما انفك صديقي النيجيري الحاج «مامادوصو» يذكر معالم بلاده ومحاسنها، فتارةً يصف جبالها الخضراء، وتارةً يثني على كثرة مساجدها وآثارها الدينية.
A A