في عالم تقاذفته صراعات المصالح والقوى، وموج متلاطم من الاقتتال والتناحر الذي اتّسعت ميادينه وامتدت في كل صوب، كان من العَبَث الوقوف في ذات المكعَّب والتعاطي مع المُتغيِّرات كما كنا نتعاطَى معها بالأمس، كما لم يَعُد من المُجدي اليوم اتّباع سياسة مسك العصا من منتصفها. وانتفاضة التغيير في رؤية 2030 ترمي إلى الإمساك بها كلها، وقولبة أجزائها، كما تقتضيه المصالح المشروعة بالمطلق.
أثناء متابعتي للحوار الذي أجرته قناة العربية مع سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتسليط الضوء على فكرة الرؤية.. ركَّزتُ في كل كلمة يقولها سموه، وحقيقةً أنني لم أتوقَّع وأنا أستمع إلى ردود الأمير الشاب عن مدى تشرُّبه لكافة مناحي الدولة، إن كان دينيًا أو سياسيًا أو اقتصاديًا أو عسكريًا، وليعذرنا في ذلك، فبقدر تفاؤلنا بالرؤية بقدر ما كان انبهارنا وسعادتنا بتلك العقلية الواعية.. لا قوة إلا بالله.
اتّسم الحوار بالشفافية، ولمسنا جميعنا فيه مصداقية تطلُّع وطموح الأمير الشاب في مستقبل زاهر للوطن والمواطن.
التنوُّع في مصادر دخل المملكة العربية السعودية، آلية الاستقطاب الاستثماري والسياحي، الإسكان، الشفافية والاعتراف بالفساد الذي استشرى في كثير من المؤسسات، برامج الدعم لذوي الدخل المتوسط ودون المتوسط، التحوُّل من النظام الاقتصادي المستهلك إلى النظام الاقتصادي المنتج.. وغيرها الكثير.
بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز كانت تلك هي رؤية السعودية 2030.. ومن تابع الحوار مع سمو ولي ولي العهد، ومن ثم لقاؤه مع الإعلاميين، يُدرك أنه التحدي الكبير الذي ينمُّ عن التوجُّه الواعد صوب مرحلة تحوّلية قادمة، وبصورة مغايرة تمامًا عن سابقاتها، لرسم ملامح مستقبل وطن بأكمله على خارطة المستقبل.
لم تأتِ الموافقة على رؤية السعودية 2030 من فراغ، بل كانت اعترافًا من قيادتنا بأن إمكانات المملكة العربية السعودية ومقدّراتها المادية والبشرية قادرة على تحقيقها، ولن يُعطِّلها أو يمنع تقدّمها شيء.
رؤية السعودية 2030.. استشراف المستقبل لإعادة تشكيل وبناء مقدَّرات الوطن، وبناء دولة مُنتجة بجميع قواها وطاقاتها المادية والبشرية معًا، ولن يتحقق ذلك ولن يكون فاعلًا على أرض الواقع ما لم يكن هناك تكاتف ووقفة جادة من المواطنين وجميع الأجهزة التنفيذية في الدولة، والعمل بمبدأ الشفافية والمصداقية، لتجنُّب الوقوع في الأخطاء السابقة التي كان على رأس أسبابها: التواكل، وتراخي الرقابة،، وتهاون بعض المسؤولين في مسؤولياتهم، وكان من أسوأ نتائجها: ترهُّل في تنفيذ برامج التخطيط، وهشاشة في المنتج.
رؤية السعودية 2030.. ليست تخيُّلاً ولا حكاية تُطوَى صفحاتها إذا حل الصباح، وما تفسير الشفافية التي لمسناها في حديث سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلا أننا اليوم نشهد اللحظة المفصلية الفارقة في تاريخ المملكة العربية السعودية.. والبوصلة التي عرفت وجهتها، وعجلة التغيير التي لن تتوقف ولن ترجع إلى الوراء.
(2030).. اللحظة المفصلية الفارقة
تاريخ النشر: 29 أبريل 2016 05:07 KSA
في عالم تقاذفته صراعات المصالح والقوى، وموج متلاطم من الاقتتال والتناحر الذي اتّسعت ميادينه وامتدت في كل صوب، كان من العَبَث الوقوف في ذات المكعَّب والتعاطي مع المُتغيِّرات كما كنا نتعاطَى معها بالأمس
A A