تعددت مآرب الناس حين تسافر للسياحة، فسمعنا عن سياحة الآثار وعن السفر في عرض البحر على السفن الفندقية الضخمة، وعن السياحة بغرض تذوُّق الطعام في المهرجانات الخاصة بذلك. وحتى وقتٍ قريب كنت أجهل أمر سياحة «كرة القدم»! وكنت أظن أن تلك الرحلة مع أبناء الخالة إلى إيطاليا؛ اقتصرت علينا، لكن الكثيرين اليوم من شبابنا يسافرون خصيصًا لهذا الغرض من السياحة الكروية، وغالبًا ما تكون وجهتهم «إسپانيا»، بعد أن اكتسح «ميسي» ورفاقه فرق العالم!.
كان ذلك مطلع الألفية الثالثة، وبالتحديد عام 2002م، حين رافقتُ ابني خالتي إلى بلاد الطليان، لا أزعم أنني رافقتهما حبًا في كرة القدم الإيطالية، التي بِتُ أمقتها بعد تحطيمها فريق الأحلام البرازيلي لعام 82! كيف لا وهم أول من ابتكر فكرة إغلاق منافذ اللعب، واللعب على المرتدات برأس حربة واحد، كان يُدعَى «روسي»!.
في إيطاليا تتنفس الناس كرة القدم، وهي موضوع ساخن باستمرار هناك، وإذا أردتَ أن تفتعل شجارًا لا تُحمد عقباه، فتحدَّث أمام إيطالي عن الفريق الخصم! وقد حدث حين سأل ابن خالتي بائع متجر رياضي في ميلان عن سبب عدم بيعه لقمصان الفريق المنافس «انتر»، فما كان من الرجل إلا وأن بصق عن يمينه وأرغد وأزبد وقال حرفيًا: «إن ذلك القميص يصلح كممسحةٍ للمتجر»!.
كرة القدم في «أوروبا والدول المتقدمة» عالم مُنظَّم، من حقوق نقل، ووكالات لاعبين، ومحامين وجواسيس، يُسافرون إلى القارة السمراء بحثًا عن اللاعبين الواعدين، يدعون «سكاوتس» أو «كشافين»، بالإضافة لدور المراهنات والإعلانات. ذهلتُ للترتيب الذي هو سمة كل شيء هنا في عالم كرة القدم، بدءًا من آلية شراء التذاكر، مرورًا بأمكنة صف السيارات، وقرب محطة المترو والقطارات، ذات يوم ذهبنا لحضور مباراة بين الفريق الإيطالي والويلزي في استاد «جيپي ماياتزا» الشهير باسم «سانسيرو»، كانت أماكننا في الطابق الثالث، وبقدر ما كان اللاعبون بعيدين، إلا أن متابعة المباراة تكتيكيًا كان جيدًا! كان لاعبو الدفاع يسيرون صفًا كأنهم بنيانٌ مرصوص! إلى الأمام تارةً وإلى الخلف تارةً أُخرى.. بتناغمٍ رهيب ينمُّ عن محترفين مهرة تلقوا تدريبات قاسية.
كان على رأس جدول أعمالنا حضور تدريب فريق انتر ميلان في عرينه الشهير باسم «اپيانو جانتيلي»، ذهبنا حسب الموعد المعلن، كان الطقس في منتهى البرودة مع زخاتٍ خفيفة من المطر، وشيء من الضباب، ظننتُ بعقليتي الشرقية أن التدريب سيُلغَى! إلا أنه سرعان ما توافد اللاعبون: صبري لاموشي، خوليو كروز، محمد كالون، مارتينيز الشهير باسم «اوبا اوبا»، وماتيرازي، أناس محترفة حقًا، تعرف نتائجها المشرفة في كؤوس العالم!.
فورزا إيتاليا!
تاريخ النشر: 01 مايو 2016 01:33 KSA
تعددت مآرب الناس حين تسافر للسياحة، فسمعنا عن سياحة الآثار وعن السفر في عرض البحر على السفن الفندقية الضخمة، وعن السياحة بغرض تذوُّق الطعام في المهرجانات الخاصة بذلك.
A A