على قدر الطموحات تكون الرؤية. فإن كانت الطموحات كبيرة الحجم وكثيرة الإمكانات، فإن الرؤية تكون عالية المستوى وواسعة الأطراف. كما أنه من الممكن بفكرة واحدة قوية الدفع، وعميقة التأثير (كفكرة عدم الاعتماد على المصدر الأساس للثروة)؛ يتم تشكيل رؤية واسعة الأفق، وعميقة الجذور، وعالية الفروع والأفنان.
يوم الاثنين الماضي، أقر مجلس الوزراء الموقر برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «رؤية المملكة ٢٠٣٠» التي يمكن بحق اعتبارها ميلاد جديد للفكر الاقتصادي السعودي الطموح. فلطالما ارتبطت فعالياتنا الاقتصادية والتخطيطية بالأطر التقليدية والمنظور قصير المدى. فكانت لذلك الخطط الخمسية المتتابعة من أهم سماتنا. ولا يعني هذا أنها غير ذات جدوى، ولكن ما كان يُؤخذ عليها أن رؤية كل واحدة منها كانت قصيرة المدى، وأن كل واحدة منها مستقلة وغير مترابطة مع الخطط الأخرى فعليًا وبشكل مباشر.
عندما تكون هناك رؤية ذات مدى أوسع يكون بالإمكان العمل على تنفيذ النشاطات والمشروعات والفعاليات فيها بشكل مترابط، وعلى فترة زمنية أكبر، وبتصور أدق؛ ما يتيح للذين يُخطِّطون لتلك البرامج وضع جداول دقيقة لتنفيذها على مراحل محددة حسب عمق وصعوبة كل مشروع ونشاط، دون تجزئتها على خطتين خمسيتين غير مترابطتين مثلًا؛ فيكون بذلك تحديد أدق لزمن التنفيذ والتسليم، وللتدفقات المالية، ولمستوى الصلاحيات، وعلى من تقع المسؤولية.
في اعتقادي أن إنجاز «رؤية المملكة ٢٠٣٠» في إطار زمني يقل عن خمس عشرة سنة هو في حد ذاته يعتبر طموحًا عظيمًا. فمن خلفية التجارب الشخصية المتواضعة في وضع رؤى وخطط ذات مدد زمنية لخمس وعشرين سنة ولأقل من ذلك، أرى أن بعض ما يُطمح إليه في هذه الرؤية قد يكون صعب التحقق نظرًا للزمن المتوسط المدى نسبيًا. فلا يجب أن ينزعج من ذلك الطامحون، فهو أمر طبيعي، ولذلك لا بد من تحديد الأولويات، وبرمجتها بشكل مرحلي دقيق، ومتابعة تنفيذها وتحقيقها، أما الثانويات فمن الممكن تمديد زمن التنفيذ لها، دون الإخلال بالخطط والبرمجة ذات المستوى الاحترافي المتمكن.
إن انطلاق «رؤية المملكة ٢٠٣٠» هو انطلاق لرؤية ذات مستوى عالمي رفيع، وهي في اعتقادي رؤية يمكن تصنيف حجمها على أنها ذات مستوى «ميجا»، وذلك من حيث احتوائها على برامج وخطط وأفكار ومشروعات ضخمة، بالإضافة إلى استشرافها لمستقبل وطننا الحبيب، وكيفية ما سوف تكون بنيته واقتصاده، ومستوى تقدم وتطور إنسانه.
رؤية واسعة وأفق رفيع
تاريخ النشر: 01 مايو 2016 01:33 KSA
على قدر الطموحات تكون الرؤية. فإن كانت الطموحات كبيرة الحجم وكثيرة الإمكانات، فإن الرؤية تكون عالية المستوى وواسعة الأطراف.
A A