مثل أي شيء جديد، جاءت «رؤية المملكة ٢٠٣٠» بالنسبة إلى المواطن العادي غير مكتملة الوضوح في بعض جوانبها. وهذا لا يعيبها. بيد أن تحقيق النجاح لأي «رؤية» أو «برنامج» أو «خطة» جديدة في أي مكان في العالم يتطلب فهم المواطن العادي لها أولًا، ومن ثم تبنّيه شخصيًا لها، ثم امتلاكه لها، بحيث تكون له هاجسًا دائمًا وهدفًا ساميًا يسعى إلى تحقيقه.
ومع أن «رؤية المملكة ٢٠٣٠» قد صاحبها كثير من التغطية الإعلامية، إلا أن هناك فئة من المواطنين لا يفهمون بعض الجوانب منها، مثلما مرّت عليهم الخطط الخمسية المتعاقبة على مدى سنوات عديدة دون فهم كثير من جوانبها، ودون الاشتراك في تحقيق جميع أو بعض أساسياتها وأهدافها. ومع أن التغطية الإعلامية «لرؤية المملكة٢٠٣٠» كانت شاملة، وشبه مُكثَّفة لفترةٍ قصيرة؛ إلا أنها لم تُحقِّق التبنِّي أو الامتلاك الشخصي لها من قِبَل المواطن العادي، لكي يسعى جادًا لتحقيق ما يخصّه منها. ولعل السبب في هذه الإشكالية كان، كما يبدو لي، البروز الإعلامي لـ «مُحلِّلين» و»مُنظِّرين» و»مُفسِّرين» من خارج منظومة مصدر القرار، ما عدا مقابلة سمو ولي ولي العهد التلفزيونية الممتازة مع الإعلامي تركي الدخيل.
ولعل من أوضح معالم عدم فهم المواطن العادي لبعض جوانب الرؤية قد حدث عندما تم التشكيل الوزاري الجديد الذي صُمِّم بحلّته الجديدة وبالهيئات المرتبطة بوزرائه ليكون «الجهاز التنفيذي» لتحقيق تلك الرؤية. فتوقّف الكثيرون عند هيئة «الترفيه» المستحدثة، كما توقَّفوا من قبل عند منصب وزيرة «السعادة» في دولة الإمارات العربية المتحدة. ولا يخفى أن مرجع عدم استيعاب تلك المسميات الجديدة ونشاطاتها هو لأنها مسميات حديثة على مجتمعاتنا، في حين أن دلالات مسمّياتها مفهومة في ثقافات مجتمعات وبلدان أخرى. لذا فإن عدم فهم المواطن والمجتمع لها هو لأنها ليست ذات دلالات ظاهرة تُوضِّح مقوماتها ومحتوياتها ونشاطاتها في ثقافتنا العربية عامة والخليجية بشكل خاص. فكانت هذه النتيجة، إلا أن الأصعب من ذلك هو إخراجها من سياقها من قِبَل البعض.
المملكة بهذه الرؤية الجديدة تحافظ على ثوابتها الراسخة دون تغيير منذ إنشائها، بينما هي اليوم في لحظة مخاض وولادة جديدة لكثير من مقوّماتها الحياتية في شتى المجالات. إنها انطلاقة مكتنزة بالطموح وبالحداثة وبالعالمية.. لذا لا مناص من فهمها جيّدًا حتى لا تتعثر في مسيرتها بحواجز وهمية، أو تقع في جهل بالمقومات المتاحة والأهداف المنشودة.
بالجهل يُقتل الطموح
تاريخ النشر: 15 مايو 2016 01:31 KSA
مثل أي شيء جديد، جاءت «رؤية المملكة ٢٠٣٠» بالنسبة إلى المواطن العادي غير مكتملة الوضوح في بعض جوانبها. وهذا لا يعيبها.
A A