Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هيئة الثقافة.. والتخلص من التبعية

الثقافة مفهوم ذاتي مُتجدِّد، لا يُمكن بأي حالٍ من الأحوال تحجيمه وفقًا لاعتبارات شخصية ترى بضيق أُفقها خطورة تعاطيه كمدخل للتنوير، وتحويل المُجتمع من الأحادية إلى التعددية والتنوع، ويرى الوصي الهُم

A A

الثقافة مفهوم ذاتي مُتجدِّد، لا يُمكن بأي حالٍ من الأحوال تحجيمه وفقًا لاعتبارات شخصية ترى بضيق أُفقها خطورة تعاطيه كمدخل للتنوير، وتحويل المُجتمع من الأحادية إلى التعددية والتنوع، ويرى الوصي الهُمام -بثاقب بصيرته- أن ممارستها في هامش من الحرية أداة من أدوات التغريب؛ بينما هي في أصلها كلٌّ لا يتجزأ، ولعل من أبرز من أطَّر الثقافة مفاهيميًا العالم البريطاني «إدوارد تايلور» في كتابه: «الثقافة البدائية»، حيث قال: (هي ذلك الكل المركب الذي يشمل المعرفة والعقائد والفن والأخلاق والقانون والعُرف وكل القدرات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضوًا في مجتمع).
وبناءً على الحرية الواعية الواجب توافرها لممارستها -أفرادًا ومؤسسات- فقد عانت بين ظهرانينا للتبعيّة التي جعلتها فعلًا ثانويًا في المرجعية الإدارية وفي ممارستها الواقعية التي عانت الأمرِّين من داخل مطبخها وخارجه، فلا المنشغلون بها استطاعوا أن يحموا ذِمارها من المُتطفلين عليها، ولم تسلم من القافزين على نُوارنيتها والسعي لوأدها بظلامية وعيهم، وارتفاع وتيرة توجّسهم من نشاطاتها التي أخذت -على نُدرتها- تبرز هنا وهناك، الأمر الذي انعكس سلبًا على حضورها الفاعل في تغيير الفكر الجمعي.
ولكن رؤية 2030 بشموليتها تنبَّهت لضعف بُنية الثقافة وانحسار دورها، فشكّلت لها هيئة عليا ذات صفة اعتبارية تُعنى بكل فعاليتها بدءًا من رسم الاستراتيجية الوطنية للنهوض بها حتى تقويم أثرها، ولعلِّي ومن خلال متابعتي للوسط الثقافي المعني بتفعيل الثقافة، أستطيع أن أضع بين يدي الهيئة الوليدة بعضًا من الرؤى، لعل وعسى أن تدفع بحِراكنا الثقافي باتجاه الأفضل ومنها: دمج الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون تحت مظلة واحدة، وإعادة النظر في آليِّة الانتخابات لعضويتها، بحيث لا يتصدَّى للفعل الثقافي إلا من هو مهموم به، وتحويل برامجها إلى تظاهرات جماعية بدلاً عن الانكفاء الذي تُنفَّذ من خلاله، كما وأن ضرورة التخطيط الجيّد لمعارض الكتاب وعدم السماح بأدلجتها ضامن أساسي لقدرتها على نشر الفكر الواعي بعيدًا عن الوصاية المُتمثلة في إثارة الفوضى في جنباتها، استنادًا للمبدأ الفرعوني «لا أُريكم إلا ما أرى».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store