الملف اليمني من أهم الملفات الاستراتيجية للمملكة ونظرة سريعة على الصورة الكلية تبين صدق هذا الاستنتاج من حيث تشابك المصالح الاقتصادية وترابط الوشائج القبلية والعرقية، وليس ثمة جديد في هذا ،فحقائق التاريخ فضلاً عن العادات والتقاليد تصدقه والمنطقة نسيج واحد تتميز عن الشعوب الفارسية والتركية ،إنه حال يجسده قوله تعالى (ياَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا * إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ * إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
إن لهذه المنطقة خصوصية مدهشة أدركها من حاول الفصل إذ تبين له أن خط الحدود بقدرما قصد منه الإنجليز أن يكون للمنع والصد صار للوصل لأنها منطقة تتوفر على أعراق وقبائل تتداخل وشائجها بين جانبي خط الحدود فهي عابرة للحدود إذ تجد المطيري والصيعري والعتيبي واليامي والكندي والدوعلي والقحطاني والحربي والجهني يتواصلون فيما بينهم كعشائر وأعراق أولي أرحام ،ولهذا ظلت العلاقة بين البلدين مؤثرة ولطالما اعتبرتها المملكة بمثابة الحديقة الحيوية التي دونها خرط القتاد، ولقد كانت عاصفة الحزم خياراً ليس منه بُد لأن المملكة ظلت دائماً حاضنة وداعمة لليمن ،يؤكد ذلك تعاملها مع إنسان اليمن قديماً وإلى ما قبل حرب الكويت فقد ظلت تعامل اليمني معاملة تفضيلية تجعله أقرب للسعودي مقارنة بأي مقيم آخر وكان المقصد ولا يزال بأن اليمني سيعمل ليفيد ويستفيد اقتصاد المملكة وحتما الاقتصاد اليمني وفجأة اندفعت الحكومة اليمنية وقتها تحرض بسطاء العاملين بمغادرة وظائفهم وركل الوضع المتميز وقطع أرزاقهم بأيديهم واندفعوا عاطفياً في موقف حكومتهم وكانت النتيجة استنزاف ما تبقى من اقتصاد يمني لدرجة العدم.
إن حرب الكويت بقدرما كانت مصيبة على اقتصاد المنطقة كانت بمثابة كارثة على مصالح الإنسان اليمني ولهذا من باب الوعي العميق والنظرة الاستراتيجية تحملت المملكة تكاليف باهظة تبررها المصالح الشعبية فضلاً عن الرسمية فلا عجب أن قررت القيادة الرشيدة أثناء عاصفة الحزم، منح أبناء اليمن فرصة لتصحيح أوضاعهم وهي خطوة تصب في تصويب الخلل الذي حدث بعد حرب الكويت ،وكم يتمنى المرء أن يتوفر وعي متقدم في دول الخليج العربي بأهمية اليمن كعمق هام للعرب ،وأن شعبها نسيج ضمن نسيج شعوب الخليج ،وأن الفقر أخطر مدخل للتدخل في شئونه وقد قال تعالى (آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) علينا إذن أن ننفق لنسد مداخل الشر ونعود إلى الصواب بدعم جهود المملكة في بناء السلام وتوفير الاستقرار باليمن وتبني مشروع مارشال عربي لإعادة البناء حتى نرى رايات السلام ترفرف في سمائها والاستقرار يسودها.
ملف اليمن .. تشابك الأعراق وتداخل المصالح الاقتصادية
تاريخ النشر: 20 يونيو 2016 02:18 KSA
الملف اليمني من أهم الملفات الاستراتيجية للمملكة ونظرة سريعة على الصورة الكلية تبين صدق هذا الاستنتاج من حيث تشابك المصالح الاقتصادية وترابط الوشائج القبلية والعرقية، وليس ثمة جديد في هذا ،فحقائق ا
A A