Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بركزيت

في ليلة الخميس الماضي صوَّت الإنجليز بالخروج من الاتحاد الأوربي وكان ذلك تعبيراً صريحاً من عامة الشعب البريطاني بأن المصالح الاقتصادية والوطنية لها أولوية على أي أولوية، وفي تفاصيل التصويت مؤشرات واضح

A A
في ليلة الخميس الماضي صوَّت الإنجليز بالخروج من الاتحاد الأوربي وكان ذلك تعبيراً صريحاً من عامة الشعب البريطاني بأن المصالح الاقتصادية والوطنية لها أولوية على أي أولوية، وفي تفاصيل التصويت مؤشرات واضحة تؤكد ذلك لمن يقرأها بتمعن فضلاً عن أنها عكست انقساماً داخلياً عميقاً بين البريطانيين، يُخشى أن ينعكس سلبا على وحدة البلاد نفسها ،فقد تخرج أسكوتلندا من المملكة المتحدة لتنضم للاتحاد الأوربي لأن شعبها صوّت بنسبة 70% للبقاء فيه، وعلى كل كان للطلاق البريطاني صدى في سوق الأسهم البريطانية والجنيه الإسترليني، ويصح القول بأن الذين أدلوا بأصواتهم في أغلبيتهم الساحقة كانوا ضد السياسات الليبرالية الاقتصادية وموجات الهجرة والخصخصة وشعارات تحرير الأسواق والتصورات الليبرالية عموما التي راجت في أوروبا وكرست لاقتصاد وموارد تخدم أصحاب الأموال والمصارف الخاصة وحملة أسهمها وزيادة ثراء القلة على حساب الطبقات الوسطى والفقيرة ، إن الهواجس البريطانية لها ما يبررها لأنه عندما حدثت الأزمة الاقتصاديه الأخيرة قررت الترويكا المكونة من صندوق النقد وإس سي بي والمركزي الأوربي قيادة حملة مشتركة لإنقاذ المصارف الخاصة المتعسرة وحملة الأسهم كصدى لما يجري بالضفة الأخرى للأطلنطي ورغم أن حملة إنقاذ المصارف الخاصة خطوة في الطريق الصحيح إلا أنها لا تبرر إنقاذ حملة الأسهم لأنهم مثل سائر البشر ينبغي أن يدفعوا ثمناً كغيرهم وما حدث تم تحميل الكلفة للفرد العادي الذي ينوء أصلاً بوطأة الأزمة حينها.
ولهذا إن كان ليس من المفارقات أن يصوت البريطاني ليعبر عن رفض التيار الليبرالي الاقتصادي وممارسات الخصخصة وسياسات التقشف ،فإنه من المفارقات أن تتبنى المجتمعات الأخرى تلك الشعارات التي عرفت بمرارة ثمارها ،وما يهمنا أن نتجنبها في اقتصادنا الوطني إلا وفق شروط قد تستدعيها ضرورات تبيح المحظورات، لأنه بقدرما تحقق سياسات الليبرالية والخصخصة نمواً بالاقتصاد ككل فإن نسب النمو تذهب لجيوب قلة لا تتعدى 1% بينما 99% يصبحون ضحية شعاراتها البراقة فالسلبيات ليست تكهناً أو رجمًا بالظن بقدرما هي قراءة واعية لتجارب التاريخ الاقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية وإلى اليوم فكل من اتبع شعارات الليبرالية الاقتصادية حصد الأزمات والانقسام الطبقي والفقر وعدم الاستقرار الاقتصادي.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store