استولى الاستحسانُ والثناءُ على مستعملي الهاتف الجوَّال على تويتر، ومواقع التواصل الأخرى.. وأصبح كلٌّ منهم يفاخر بعدد متابعيه.. والأكثر عددًا هو المعروف، والذي يُشار إليه..
ويتملَّك صاحب التغريدة إعادات كثيرة من مريديه، أو مرتاديه.. وتنشر عنه وسائل الإعلام المنظورة، في برامج تليفزيونيَّة.. وتتفاعل معه، وتثني عليه باختراعاته، وابتكاراته، وإبداعه..
والاستحسانُ هو استعبادٌ لمن يرغبه.. ثناءً أو مديحًا.. ومع التكرار يصبح من عاداته.. وتعاطيه يتملَّك صاحبه حتَّى يكون إدمانًا لا يُستغنى عنه في جميع الأوقات، في بيته، أو سيارته، أو بين أصدقائه.. في فرحٍ، أو ترح..
لكن هذه الآلة الصغيرة اقتُرحت لكي تُعين الناس، وتُكثِر اتصالاتهم ومنفعتهم.. وتنجز أعمالهم، وتساعدهم وقت شدَّتهم.. وتجمع بينهم في مناسباتهم.. وتطلّعهم على ما كانوا يسعون لمعرفته بأسرع وسيلة..
وأيضًا فإنَّها في المقابل استولت على عقولنا وتفكيرنا.. وأصبحت مُعطِّلة لنا في علاقاتنا الأسريَّة والاجتماعيَّة.. أصبحنا نُشَد إلى هذه الآلة ساعات طويلة.. ننتقل من موقعٍ إلى آخر، ونشارك أو لا نشارك..
أيضًا لا يمكن إنكار الفائدة في هذه الآلة.. والبعض يجد متعة في الاطّلاع على كثير ممَّا تحتويه من فوائدَ معنويَّةٍ، وماديَّةٍ، وعلميَّةٍ، ودينيَّةٍ، وسياسيَّةٍ..
الاعتدالُ مطلوبٌ.. ولكنَّه غيرُ مرغوب عند الكثير.. وإنَّ أخوفَ ما أخافهُ أنْ تُصرف أوقاتنا جميعها في ترهات.. طلبًا للاستحسان، وتعطيلاً للمعرفة.. ونتخلَّى عن كثير ممَّا كُنَّا نُمارسه من ذِكرٍ، وصلاةٍ، وقراءةٍ لكتاب الله، وسنَّة رسوله..
أمَّا مَن يستطيع أن يستفيد ويفيد، دون أن يقصر في الحقوق الأخرى.. فذاك عطاء الله له..
«أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» سورة المجادلة، آية رقم 7.
إدمان الاستحسان
تاريخ النشر: 11 أكتوبر 2016 22:46 KSA
استولى الاستحسانُ والثناءُ على مستعملي الهاتف الجوَّال على تويتر، ومواقع التواصل الأخرى.. وأصبح كلٌّ منهم يفاخر بعدد متابعيه.. والأكثر عددًا هو المعروف، والذي يُشار إليه..
A A