أزمات منطقة الشرق الأوسط يمكن معالجتها إن سعت طهران للحوار مع جيرانها .. فهي العامل المشترك والمسبب لمعظم إن لم يكن لكل هذه الأزمات . لكن حكام إيران لا يرغبون في ذلك . ولا يمكن بالطبع إرغامهم في ظل عهد الرئيس الأميركي أوباما على أن يقدموا على الحديث عن قضايا يعتقدون أن الإدارة الأميركية الحالية أعطتهم حقوقاً كاملة لها ، حتى وإن كانت هذه الإدارة على وشك الرحيل . وبالإضافة الى هذا فإن القرار الإيراني يتأرجح ، فهناك مؤسسة الرئاسة الإيرانية التي يسعى الأميركيون الى دعمها ، وتطلق مؤشرات تتسم بالاستعداد للحوار مع جيرانها ، إلا أنه من ناحية أخرى تسعى مؤسسة الحرس الثوري ، المستقلة عن سلطة الرئيس بالقيام بأفعال عكس المؤشرات التي أطلقتها الرئاسة .. يضاف الى ذلك مواقف وتصريحات علي خامئني ، المرشد ، والتي تتجه أحياناً لتأكيد أحد الموقفين أو إبراز موقف مختلف .. وهذا وضع يؤدي للحيرة بالنسبة لمن يرغب في حوار جدي مع الإيرانيين، فمن هي الجهة الصادقة الراغبة في الحوار مع جيرانها ، وكذلك باقي العالم .
وتهرُّب النظام الإيراني من الحوار لحل أزمات المنطقة ، نابع من عدم رغبته في اتخاذ قرار في الوقت الحاضر حول أهدافه المستقبلية في المنطقة . إذ إنه من الواضح أن حكام طهران مشغولون بأنشطتهم التي يستهدفون منها السيطرة على الدول العربية المجاورة لهم ، والبعيدة . بالإضافة الى عدم اتفاقهم ، داخلياً ، على موقف موحد في هذا الشأن . وبرز مؤخراً موقف حكومتي بغداد ودمشق من مشاركة تركيا في الحرب على داعش ، إذ طالب البلدان بخروج القوات التركية ،وهذا انعكاس لتوجهات طهران التي ترغب الاستفراد بالبلدين لوحدها مستخدمة في ذلك إثارة الشعارات المذهبية بالحديث عن عدائها وحلفائها للسنة وأهلها من عرب وعجم .
وتطور التوسع الإيراني في اليمن الى خطر حقيقي على الملاحة في البحر الأحمر ، فالحوثيون ، التابعون لإيران ، هاجموا سفينة مدنية إماراتية ، ثم ألحقوا ذلك بإطلاق القذائف باتجاه سفن عسكرية أميركية ، وذلك في إشارة واضحة من طهران لرغبتها تهديد الملاحة في البحر الأحمر ، أسوة بتهديد زوارق الحرس الثوري التابعة لها الملاحة في الخليج العربي ومضيق هرمز ، مستهدفة بذلك انتزاع اعتراف أميركي بها كجهة مسيطرة على مدخل ومياه الخليج العربي وكذلك على باب المندب ، مدخل البحر الأحمر ومياهه . والخطوة الأخيرة تهدد اقتصاديات قناة السويس وتحمل مخاطر تردد الملاحة الدولية في استخدام قناة السويس كمدخل الى البحر الأبيض ، والتأثير السلبي على الاقتصاد المصري .
من غير المنطقي أن نتوقع إقدام النظام في إيران على فتح باب الحوار الجدي مع جيرانه في الظروف الحالية التي تقوم فيها موسكو باستخدام قوتها العسكرية ، بأبشع صورة ممكنة ، لقمع الشعب السوري سعياً لإرغامه على الاستسلام للنظام العميل وفي الجانب الآخر يقوم الأميركيون بمساندة نظام طائفي بغيض في بغداد يعلن بكل وقاحة عمالته لإيران . ولابد من أن يحدث تغير على الأرض في كل من البلدين المبتليين بأطماع النظام الإيراني ، وتحول هام على مدخلي الخليج العربي في مضيق هرمز والبحر الأحمر في باب المندب حتى يمكن الأمل في حوار يعيد بعضاً من المنطق الى حكام طهران الحالمين بإمبراطورية فارسية جديدة على امتداد مساحات واسعة من منطقة الشرق الأوسط ،أو أن يتم ذلك بدولة مذهبية تسيطر على العرب وتدخلهم في طاعة طهران ، كما وقع في بغداد ودمشق وللجماعة الحوثية باليمن . وحتى حدوث هذه المتغيرات فعلى العالم أن يتخلى عن السذاجة التي يعامل بها الحكام الإيرانيين منذ عدة سنوات .
هل يمكن الحوار مع طهران ؟
تاريخ النشر: 24 أكتوبر 2016 23:17 KSA
أزمات منطقة الشرق الأوسط يمكن معالجتها إن سعت طهران للحوار مع جيرانها .. فهي العامل المشترك والمسبب لمعظم إن لم يكن لكل هذه الأزمات . لكن حكام إيران لا يرغبون في ذلك .
A A