في أيام «دَقّ» كروت الدوام عند الحضور والانصراف، كان هناك أحد المديرين الذي تتلبّسه «فوبيا» وهاجس قوي بأن الموظفين كانوا يخدعونه فيما يخص ساعات الدوام، وأن الغالبية منهم متسيّب. وفي الواقع بأن ذلك الأسلوب الإداري الحريص على وجود الأجساد في مقار العمل، دعا إلى تسيّب أكبر، فأصبح كثير من موظفي ذلك المدير متغيّبين في الحقيقة، حاضرين في كروت الدوام «المدقوقة».
وعموماً مهما حاولت الإدارات المختلفة استخدام وسائل انضباط الدوام ودقتها، فإن الموظفين لا يعدمون دائماً حيلة يخترعونَها لتجاوز تلك الممارسات الإدارية المتشددة غير الحكيمة إدارياً. فلا شك في أن ذلك المدير أخطأ الفهم الإداري، فاهتم بالحضور الجسماني للأشخاص، ولم يهتم بالفعل الإنتاجي لموظفيه.
وفي هذه الأيام لا يستطيع موظف آخر ـ في الغالب ـ أن «يبصم» للحضور بدلاً من موظف آخر، فانتفت تلك الحيل، إلا أن الهواجس والشكوك والاهتمام بوجود الأجساد، دون وجود العقول والإبداع والإنتاج؛ ما تزال مشتعلة في عقول بعض المديرين، ما جعل أحدهم يصرّ على طلب البصمة من موظفيه خمس مرات يومياً.
وكما هو ثابت إدارياً فإن هذه الوسائل التي تتجاوز الاهتمام المعقول بتطبيق النظام إلى ممارسات تفترض الشك في الموظف، وفي إخلاصه، وتثير فيه النفور، بل وتتدنى بسببها الإنتاجية. ولعل تطبيقها هو أحد العوامل التي تحدَّث عنها أحد كبار المسؤولين فيما يخص معلومة تدني إنتاجية الموظف السعودي بالدولة إلى حوالي ساعة واحدة في اليوم.
للأسف.. دائماً ما يلام الموظف ويتّهم بعدم الإنتاجية، بينما العامل الأول لتحقيق الإنتاجية المنشودة وارتفاع مستواها، هو في أن تكون الإدارة مبدعة أصلاً وتشجع الإبداع، ولا تكون مقيدة للموظف بالروتين القاتل. كما أنّ عليها أن تُهيئ له بيئة عمل جيدة ومناسبة لخصوصية العمل المطلوب. بالإضافة إلى مكافأته على المبادرات مالياً ومعنوياً، وكذلك على مستوى الإنتاج وعلى نوعيته.
الاهتمام بالأجساد دون العقول
تاريخ النشر: 29 أكتوبر 2016 22:33 KSA
في أيام «دَقّ» كروت الدوام عند الحضور والانصراف، كان هناك أحد المديرين الذي تتلبّسه «فوبيا» وهاجس قوي بأن الموظفين كانوا يخدعونه فيما يخص ساعات الدوام، وأن الغالبية منهم متسيّب.
A A