من بواعث الوطنيّة السّعي نحو ردم هوة الصّغائر التي يروِّج لها سفهاء القول، ورعاع المجتمع، والبعد كل البعد عن تتبع المساوئ عبر وسائل متشظّية للنّيل من كماليات الوطن حتى أصبح البعض لا يرى من الوطن إلاّ تلك الغشاوة المبثوثة التي يصنعها السّفلة، ويتبارى في ملاحقتها أهل الصّغار والشّنآن..!!
وعلى هذا؛ يجب على الجميع أن يستوعبوا جيّدًا أنّنا نخوض «حربًا» على كافّة الأصعدة، ومن لم يستوعب ذلك فعليه أن يُعيد حساباته جيّدًا، ولنضرب صفحًا عن كلّ خلافاتنا الصّغيرة منها والكبيرة؛ فالدِّين وحماية الدّين، والوطن وحماية الوطن أكبر من كلّ خلاف أو صراع، وأجلَّ من تصيّد عثرة هناك، أو سقطة هنا...!!
وإذا كانت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- تسعى جاهدة لراحة المواطنين، وتبذل كلّ ما في وسعها لاستقرار أمن هذه البلاد الطّاهرة والحفاظ على كيانها، فقد وجب علينا جميعا تعزيز ذلك بحسب ما نراه في الواقع ممّا لا يغرب عن ذوي الأبصار والألباب.
إذا كنّا كمواطنين سعوديّين نعيش في أمنٍ واستقرار، ونتبارى لبسط حياتنا على نعيم من الرّغد المقيم، ونكتسي ثوب الوفرة، ونرفل برداء السّكينة؛ فلنتذكّر جيّدًا أنّ هناك الكثير من أبنائنا يواصلون ليلهم بنهارهم لحمايتنا والذّود عن ثرى هذه الأرض المباركة، ويجاهدون جهاد حقٍّ في سبيل صدّ أيّ عدوان يحاول أن يمسّ طُهْر بلادنا.
ففي الحد الجنوبي -مثلًا- هناك «مرابطون» يحملون أرواحهم على أكفّهم، ويتبارون للذّود عن حمى ذلك الركن المكين حتى غدوا مثالًا يُحتذى للمجاهد الصّادق، والصّورة الحيّة للفخار والاعتزاز.
فإذا كانت حكومة خادم الحرمين الشريفين سعت، ولمّا تزل لتذليل كلّ الصّعوبات التي تواجه هؤلاء الأبطال في واقعهم المعاش، وتقدّم ما لديها من أجل تذليل ما يعتورهم من شؤون وشجون؛ فقد وجب على الجميع القيام بمسؤوليّاتهم الوطنيّة والتأريخيّة خاصة من قبل تلك المؤسّسات والدّوائر التي تحتضنها الدولة تبعًا لهذه الظّروف الاستثنائيّة.
ولقد أحسنت كثيرًا بعض الجامعات السعودية حينما سعت إلى تذليل كافّة الصعوبات المتعلّقة بالرّاغبين في مواصلة دراستهم فيها، خاصّة ممّن لا يستطيعون مباشرة ما يتعلّق بمواصلة مشوارهم التّعليمي، فقدمت لهم جميع التّسهيلات والإعفاءات لإكمال مسيرتهم العلميّة، وسأضرب بمثالين حيّين يتمثّلان بجامعة «الباحة»، وجامعة «نجران».
فجامعة الباحة أنهت إجراءات قبول، وإعفاء من الرسوم الدراسية لـ(867) من الطّلاب، وهي إعفاءات لا تقتصر فقط على المرابطين في الحدّ الجنوبي أو المشاركين الفعليّين فيه؛ بل شملت أغلب الجوانب الإنسانيّة خاصّة ممّن لا تتوافر لديهم سُبل القبول في الجامعات، أو عدم القدرة على دفع رسوم الدراسة المسائيّة المستحقّة في بعض البرامج المدفوعة.
أمّا جامعة نجران فقد أعلنت عن إنهاء إجراءات قبول (300) مرابط من القوات العسكريّة ممّن تقدموا خلال الفترة الماضية للدراسة في مختلف كلياتها، إضافة إلى إعفائهم من الرسوم الدراسيّة.
إنّ مثل هذه المبادرات واجب قبل كلّ شيء؛ ولكنّها مبادرات يجب أن تذكر وتحمد، كونها تعبّر عن مدى ما تقدّمه الجامعات السعودية لأبنائها المرابطين؛ وتمثّل استشعارًا بمسؤولياتها التي لها أكبر الأثر تجاه من سخروا أرواحهم لحماية دينهم والذود عند حدود وطنهم، وتعبيرًا صادقًا عن شكرهم والاعتزاز بهم، وإن تقاصر الشّكر والاعتزاز عن الوفاء في مثل هذه المواقف التّأريخيّة...!!
جامعاتنا.. والمرابطون في الحدّ الجنوبي
تاريخ النشر: 03 نوفمبر 2016 23:30 KSA
من بواعث الوطنيّة السّعي نحو ردم هوة الصّغائر التي يروِّج لها سفهاء القول، ورعاع المجتمع، والبعد كل البعد عن تتبع المساوئ عبر وسائل متشظّية للنّيل من كماليات الوطن حتى أصبح البعض لا يرى من الوطن إلاّ
A A