تراكمُ الصمتِ في بعض المواقفِ لا أعدُّه حكمةً، بقدر ما أراه ضعفًا، ومَن غلَّب الصمت على الخطأ الواقع في حقِّ نفسه لاعتبارات تمسُّ مَن حوله؛ ورغبةً منه في وئد المشكلات في مكانها، فإنَّ تراكمه مع الأيام يستحيل انكسارًا لا جبر له.
إنْ كنتَ ممَّن يأخذ بمقولة «الصمت حكمة»، فأنتَ وحدك مَن يتحمَّل تبعاته، ولا تعجب حين تُقرِّر الانتفاض يومًا لتلفظه خارج حنجرتك، فتكتشف أنَّ حقَّك في الدفاع عن ذاتك قد اغتالته مقصلة الصمت، منذ الموقف الأول.
****
«لا تعطي الآخرين ما ترغب أن يعطوك إيَّاه، فقد تختلف الميول والأذواق».
ليس هناك أصعب من أن تبذلَ، وتبذلَ دون مقابل، ناسيًا أن لنفسكَ عليك حقًّا، فتمضي السنون بك، لتجد أنَّكَ أبيتَ إلاَّ أن تجعلَ من نفسك صنبورَ عطاءٍ، وحمية العطاء تلك تقاذفتك من كلِّ جانب، كورقةٍ في مهبِّ الرِّيحِ.
بات مَن حولكَ إمَّا منفضًّا عنكَ، أو مستقرًّا في مكانه.. ليسوا معك، وأنت.. لستَ بينهم!!
في هذه الحالة عليكَ ألاَّ تتوقع المبادلة بالمثل، فلم يضربكَ أحدٌ على يديك، ولا تُصدم حين تُدرك أنَّكَ جعلتَ من نفسك سخرةً واجبةَ النفاذِ وفي الحال.
****
أبلغ مواقف الإنسانيَّة، هي تلك التي تجد فيها مَن يقف بجانبك في الملمَّات، ليأخذ بيدك حتَّى يعبر بك إلى شطِّ الأمان، دون أن تعرفه، أو يعرفك.
هذا النوع من المواقف هو ما نحتاجه، وجوهر الإنسانيَّة هذا هو من ينبغي الإشادة به، والحفاظ عليه، وشتَّان بين مَن يعمل ليأخذ، ومَن يعمل ليُوثِّق بصمةً مشرِّفةً في تاريخه المهني.
مرصد:
«الرقيب أوَّل إبراهيم الصايغ، مسؤول البريد الإلكترونيّ بالمديريَّة العامَّة للجوازات».. الجنديُّ المجهولُ الذي يعملُ ليل نهار دونَ كللٍ أو مللٍ.. أقولُ له: شكرًا لمَن قالَ لي: «يمَّه» عطي رقمي لمَن أرادَ الاستفسار، أو المساعدة، أنا تحت أمركم.
شكرًا لمَن سخَّر وقته وجهده، وأدَّى مهامَّه على أكمل وجه.. كفَّيت ووفَّيت.. وأسألُ اللهَ أنْ يُكثر في وطني من أمثالِكَ.
الصمت والبذل.. وموقف الجندي المجهول
تاريخ النشر: 08 ديسمبر 2016 23:20 KSA
تراكمُ الصمتِ في بعض المواقفِ لا أعدُّه حكمةً، بقدر ما أراه ضعفًا، ومَن غلَّب الصمت على الخطأ الواقع في حقِّ نفسه لاعتبارات تمسُّ مَن حوله؛ ورغبةً منه في وئد المشكلات في مكانها، فإنَّ تراكمه مع الأيام
A A