Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ليالي الشتاء تُجدداللقاء

No Image

A A
يكثُر في هذه الأيام الحديث عن ليالي الشتاء وجمالها، عن طقوسها وأحوالها، وما هي أفضلُ طريقةٍ لاستقبالها، وكأن ليالي الشتاء لم تزرهم منذ أعوام أو أنهم لا يروها إلا في المنام، ألهذا الحد هم مُشتاقون، أم أنهم فقط يتغزلون وفي الغالب أن من ينتظرونها بلهفة واشتياق ما أن يبدأ بردها القارص بمهاجمة عظامهم إلا وتمنوا عليها الفُراق وهذا حال الإنسان كثير الملل والنسيان.

قد يختلف أو يتفق الأغنياء على حُب ليالي الشتاء فهي بالنسبة لهم نوعٌ من أنواع الترفيه متى ما أرادوا تخلصوا منها بتشغيل دفاياتهم التي تنسيهم ذلك البرد القارس وكأنه شيءٌ لم يكن أما البُسطاء والفُقراء فإنهم بالتأكيد لا يُرحبون بها في بيوتهم لأنها غير مُهيأة لاستقبالها فهي ضيفٌ ثقيل إن زارت لم تُخفف وإن حكمت لم تُنصف تزيد بيوتهم فقراً وكآبة وتجعلها موحِشةً صامتة، لا شيء يتحرك بها سوى ارتجاف عظامهم ولا صوت يعلو صوت قرقرة بطونهم.

ربما أن التخييم في الشتاء يليق أكثر بأصحاب الطبقة المتوسطة الذين يُفضلوا أن يعملوا كل شيء بأيديهم من جمع الحطب وإيقاد النار وتقطيع اللحم والبصل والطبخ وجميع ما تستلزمه تلك المُخيمات المتوسطة الجميلة في ليالي الشتاء أما الأغنياء فأغلبهم إذا خرجوا للتخييم كانت مُخيماتهم مُجهزة بكافة وسائل الراحة حتى كرسي الحمام (أجلّكم الله) موجود وفيها من يقوم على خدمتهم وراحتهم وكأنهم في فندق خمس نجوم وأكبر جُهدٍ يفعلوه هو المُصافحة والكلام ومضغ الكثير من الطعام أما الفقراء لا وقت عندهم لهذه الرفاهيّة ولو وجدوا الوقت لم يجدوا المال ليشتروا به أقل المُستلزمات لهذه المناسبة النادرة وإذا اجتهدوا مرةً واستدانوا لوجدوا أن (البر) هو كذلك يغصُّ بالطبقيّة فعلى يمناهم ويسارهم مُخيمات أكبر من بيوتهم وأجمل ورائحة الشواء المُتطايرة مع نسمات الهواء الباردة جعلتهم يزهدون في (الشريك) و(النواشف) التي جلبوها لذلك قرروا أنهم لن يكرروها واختاروا أن يجعلوا تخييمهم في المرة القادمة على سطح المنزل المتواضع بين أسطح الفقراء التي لا يجلب هواؤها سوى رائحة الفول والعدس فهي أكرم وأرحم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store