أجزم أن الترجمة الحقيقية لميزانية 2017 التي أُعلنت مؤخراً تتضمن أقصى درجات الشفافية التي يتمنى المواطن والمُراقب على حدٍ سواء الأخذ بها بهدف ضمان جودة الأداء وتحقيق كفاءة الإنفاق، كما تميِّزت هذه الميزانية بارتكازها على التخطيط المالي لخمس سنوات قادمة؛ حيث سيكون عام 2020 حداً أقصى للانتهاء من تداعيات الإصلاحات الاقتصادية وانعكاساتها على المواطن؛ ولعل هذا يُؤكد على أن رؤية القيادة السياسية للإصلاح في سياقه الاقتصادي ترتكز على أنه يجب ألا يوازيه إثقال للمواطنين أصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة، مما يعني أن الغاية لم تكن كما صُوِّرت من البعض الذي رأى أن سد العجز في الموازنة السنوية سيكون على حساب الاستهلاك اليومي للمواطنين دون تدخل من الدولة.!
من هذا المُنطلق جاءت فكرة «حساب المواطن» الذي سيكون أداة رئيسة ليس فقط لمواكبة الإصلاحات التي ستُتخذ تباعاً ولكن سيُفعَّل للمُستهدفين قبل البدء في تطبيقها ؛ بحيث يبدأ دعم هذا الحساب بـ 25 ملياراً عام 2017 ويصل إلى 60 ملياراً في عام 2020 مما يعكس أن الدولة أخذت في الاعتبار المتغيرات الديمغرافية للمجتمع واختلالات السوق العالمية خلال الفترة المُستهدفة بعين الاعتبار، الأمر الذي يؤكد على نزاهة الإجراءات والنظرة بعيدة المدى لكل ما من شأنه تحقيق رفاهية المواطن وفقاً لأحدث الأساليب المُتبعة وأخفها ضرراً على شرائح المواطنين .
إن القراءة الأوليِّة لميزانية « الشفافية « تمنحنا اطمئناناً كبيراً لمستقبل واعد - بإذن الله - فالمشروع ذو التوجهات المُتعددة حتماً ستكون نسبة نجاحه كبيرة والعكس صحيح ، وهذا ما سعت موازنة 2017 إلى جعله أساساً لعملها نظراً لتضمنها إجراءات جديدة لتعزيز الاستدامة المالية وتنويع مصادر الدخل، وترشيد الإنفاق الحكومي، ودعم القطاع الخاص بهدف تعزيز مستويات النمو المُستهدفة وتعظيم العائد منها تحقيقاً للتنمية المُستدامة .