* مفتتح:
«لا جدال في أنّ الآية التي تتجلّى فيها حياة العظماء هي امتداد الأثر بعد الحياة، فلا تنتهي آثار العظيم بانتهاء السّنين التي يقضيها في هذا العالم، ولا تقف هذه الآثار عند حدود البلاد التي نشأ فيها، فهي على اختلاف الصّفات والأعمال قوّة تتخطّى الزمان والمكان».
***
* أتذكر أنني في العام الماضي في هذا التوقيت كتبت حول الذكرى الأولى لمبايعة خادم الحرمين الشّريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ملكًا للمملكة العربيّة السعوديّة؛ بيعة مبنيّة على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛
وها هي الذكرى الثّانية تحلّ علينا في ظلّ العديد من التحوّلات الكبرى التي نعيش رحاها على كافّة الأصعدة والمستويات.
* ولما أزل أقول: إنّ حقّ البيعة لولي الأمر أعمّ من أي حقّ؛ لأنّ البيعة في جانبيّ التّشريع والتّنفيذ مستمدة من أوامر الله جلّ في علاه، وأوامر رسوله عليه أفضل الصّلاة والسّلام.
* ووفقًا لذلك التّصور، فقد وجبت طاعة ولي الأمر بوصفه إمامًا؛ طاعة تناسب هذه القداسة وتحتمي بها؛ كون قسطاس البيعة، ولزوم العهد يستبين أيّما إبانة من حديث عبادة بن الصامت، حينما قال: «بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السّمع والطّاعة، في اليسر والعسر، والمنشط والمكره، وألّا ننازع الأمر أهله، وأن نقول أو نقوم بالحقّ حيثما كنّا لا نخاف في الله لومة لائم»، ويتمّم ذلك الحديث رواية أخرى جاء فيها: «ألّا ننازع الأمر أهله إلاّ أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان..».
***
* لقد مرّت على الأمّة السعودية في السنتين الماضيتين الكثير من التحوّلات الكبرى سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، فكان الملك سلمان صوت الأمّة، ويدها القوية، وعضدها المكين وفقًا لرؤية منهجيّة طموحة سعيًا منه لبناء مجتمع سعودي له مكانته الحضارية والإنسانية بين الأمم.
* ولا شكّ أنّ تلك الرؤية الممنهجة التي يصبو إليها خادم الحرمين ويرجوها لم تكن لتحقيق عمل من أعمال الإدارة والإرادة؛ ليدبّرها لنفسه كتدبير المرء لما ينفعه ويريحه، أو يعفيه من التّعب والمشقّة والتّبعة؛ ولكنّها تبرز في صورة جوهريّة قوامها (الباعث النفسيّ) يغلبه على إرادته، ويخلق له إرادة (نوع كامل) في بنية إنسان واحد يتحرّك في محيطها فيما يخدم قضاياه الوطنيّة والعربيّة والإسلاميّة؛ فضلاً عن القضايا الإنسانيّة.
* إنّها أعمال تندّ عن شعور (عميق)، وعقيدة متّصلة (متوارثة)؛ فضلاً عن كونها صفة لازمة.
* مرّ عامان على تلك البيعة، فكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان خلالهما تأريخ إقدام إلى أقصى حدود الإقدام بدءًا بـ(الإصلاحات) الداخليّة، ومرورًا بـ(كسر شوكة) العابثين، وليس انتهاء بـ(كفّ يد المتطاولين) باستقرار الأمتين العربية والإسلامية والعابثين بأمنهما.
* إنّ الاهتمام بقضايا الوطن فضلاً عن قضايا الأمّة فضيلة من أشرف الفضائل البشريّة، وهي بلا شكّ، من أبرز صفات الملك سلمان يعرفها القريب والبعيد على حدٍّ سواء، فهي ترتسم في كلّ ما يصدر منه داخليًا وخارجيًا؛ لأنّ البحث عن جوانب الخلل في التّعايش الإنساني ومعالجته من كينونة العظماء، ومنقبة من مناقبهم.
آية العظمة: الملك سلمان قوة تتخطّى الزمان والمكان
تاريخ النشر: 06 يناير 2017 04:06 KSA
صريف الحرف
A A