Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الإسلامُ دينٌ وليس تيارًا سياسيًّا

No Image

A A
يواجه الدِّينُ الإسلاميُّ مآزقَ متعدِّدةً في ظلِّ رغبة بعض المفكِّرين في جعله تيارًا سياسيًّا، يروم الاستحواذ على السلطة؛ لفرض مبادئه وتعاليمه على المجتمعات العربيَّة، وغير العربيَّة بالقوَّة، والعنف، والتهديد، وهذا الاتِّجاه موغلٌ في التطرُّف، وأسهم -بشكل أو بآخر- في تشويه سماحة الدِّين الحنيف، حتَّى بات الإسلام في أذهان الشعوب الأخرى دينًا يحرِّض على القتل والإرهاب، ولا يؤمن بمبدأ التعايش السلمي، ويرفض أيَّ نوعٍ من أنواع الديمقراطيَّة، والحريَّات، والحقوق المدينة للأفراد.

تيارات الإسلام السياسي أفرزت نماذج تكفيريَّة متمرِّدة، تثورُ باسم الدِّين بطرق عشوائيَّة، وتوظِّف النصوص المقدَّسة توظيفًا يخالف مقاصد الشريعة الرئيسة، ومنها عصمة الدماء، والأموال، والأعراض، وأعادت بسذاجة مفاهيم تراثيَّة لم تعدْ منسجمةً مع العصر الحديث، كمفهومي الخلافة، والسبي، حتَّى باتت تلك التيارات مظلةً للقتلة، والساديين، والمضطربين جنسيًّا وأخلاقيًّا.

الإسلامُ دينُ اتِّزانٍ، وهو أيضًا دينٌ عقليٌّ بامتياز، وعندما يتعارض شرَّان؛ فإنَّ أخفهما ضررًا يجوز ارتكابه؛ لدفع الضرر الأكبر، وهذا المفهوم لا يؤمن به أتباع التيارات الإسلاميَّة السياسيَّة، وهو ما جعلهم يتبنون أعمالاً إرهابيَّة أضرَّت بالحملات الدعويَّة والتوعويَّة التي كانت تنشر السلام في أوروبا، وكانت سببًا في اعتناق الملايين للدِّين الإسلاميِّ، وإنْ أردنا أنْ نكونَ أكثر إنصافًا؛ فإنَّ أعمال المنتمين للإسلام السياسي قد سهَّلت إمكانيَّة تحجيم انتشار الديانة الإسلاميَّة في أوروبا، وأمريكا، وحتَّى القارة الإفريقيَّة، وأوجدت فرصةً للأعداء من أجل الإساءة للإسلام، تحت ذرائع ما يُنتهك باسمه من سلوكيَّات شنيعة تدل على التخلُّف الفكريِّ والرجعيَّة لدى مَن يُقْدِمون على تلك الأفعال النكراء التي تُسمَّى اليوم «إرهابًا».

وأخيرًا، يمكننا الاطمئنان للقول إنَّ الإسلامَ السياسيَّ لمْ يعدْ حلاًّ يمكنُ الوثوقُ به في عالم متحضّرٍ يؤمن بالانفتاح والديمقراطيَّة، ولا سبيل لتلك الأحزاب المنتسبة للإسلام في أن تشارك في العمل السياسي، ما لم تعاود تشكيل طريقة تعاطيها مع القضايا السياسيَّة بما يتواءم مع القوانين والأعراف الدوليَّة، وبما يحقق مصلحة المسلمين في أرجاء العالم كافَّة، وينسجم مع مبادئ الدِّين الإسلاميِّ الذي أتى رحمةً للعالمين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store