Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن سعد العرابي

تداعياتُ حفل تنصيب ترامب

A A
اليوم الجمعة، العشرون من يناير، تجرِي احتفالاتُ تنصيبِ دونالد ترامب

رئيسًا للولاياتِ المتحدةِ الأمريكيَّةِ، في تقليدٍ أمريكيٍّ عريقٍ. وترامب سيكونُ الرئيسَ الخامسَ والأربعينَ في سلسلةِ مَن وصلُوا لحكمِ الدولةِ العظمَى.

في البدءِ سيلتقِي ترامب الرئيسَ المنتهيَة ولايتهُ باراك أوباما في البيتِ الأبيضِ، بعدهَا يتوجَّهان إلى مبنَى الكابيتول هل «مقر الكونجرس» ليؤدِّي فيهِ ترامب القَسَمَ على الإنجيلِ، ومن المقرَّرِ أنْ يحضرَ عددٌ من الرؤساءِ الأمريكيينَ السابقينَ مثل جيمي كارتر، وبيل كلينتون، وجورج بوش الابن وليسَ الأب؛ لعدمِ استطاعتِهِ لظروفهِ الصحيَّةِ، وعددٌ كبيرٌ من السياسيِّينَ والنوَّابِ من الحزبينِ الجمهوريِّ والديمقراطيِّ، كمَا يتوقَّعحضورُ قرابةِ نصفِ مليون شخصٍ، في المقابلِ سيكونُ هناكَ عشراتُ المنظَّماتِ الحقوقيَّةِ التي تعتزمُ الاحتجاجَ علَى التنصيبِ في مسيراتٍ حاشدةٍ حولَ مبنَى الكابيتول هل، ومحيطِهِ العام، كمَا أعلنَ (42) بينَ أعضاءِ الكونجرسِ من الديمقراطيِّينَ امتناعَهم عن حضورِ الحفلِ؛ احتجاجًا على تنصيبِ ترامب رئيسًا.

أقوَى وأشهرُ المعترضِينَ النائبُ عن ولايةِ جورجيَا جونلويس، فهُو من أكبرِ النوَّابِ سنًّا، وفترةَ تمثيلٍ، حيثُ يبلغُ من العمرِ (76) عامًا، وأحدُ رموزِ حركةِ الحقوقِ المدنيَّةِ في أمريكَا، ومِن معاصرِي زعيمِهَا الأوحدِ مارتن لوثر كنج، وكانَ من قادةِ مسيرةِ المطالبةِ بمساواةِ الملوَّنينَ مع البيضِ في مدينةِ سلما، والتِي كانتْ نقطةَ تحوُّلٍ كُبرَى في مسيرةِ الحركةِ، وذلكَ في شهرِ مارس من عامِ 1965م وسُمِّيتْ بـ»الأحدِ الدَّامِي»، وتحوَّلتْ إلى فيلمٍ سينمائيٍّ بنفسِ الاسمِ « Selma»، لم يتردَّد لويس فيوصفِ ترامب بأنَّه رئيسٌ «غيرُ شرعيٍّ» في برنامجٍ تليفزيونيٍّ، وقدْ سبقَ لهُ أنْ وصفَ جورج بوش الابن بنفسِ الوصفِ عندَ انتخابِهِ للمرَّةِ الثانيةِ، ولغط عدٍّ وإحصاءِ الأصواتِ في ولايةِ فلوريدا .

النوّابُ الاثنان والأربعون وصفُوا امتناعَهم ومقاطعتَهم حفلَ التنصيبِ بأنَّه: «احتجاجٌسياسيٌّ»، كمَا أنَّ المنظَّماتِ الحقوقيَّةَ التِي تتظاهرُ بالقربِ من الحفلِ تعتبرُ وجودَهَا «احتجاجًا علَى عنصريَّةِ ترامب»، والتِي برزتْ خلالَ الحملةِ الانتخابيَّةِ، وخاصَّةً ضدَّ المكسيكيِّينَ والمسلمِينَ.

كمَا كانتْ حملةُترامب مثيرةً للجدلِ، فإنَّ موعدَ تنصيبِهِ مثيرٌ للجدلِ أيضًا، والقلقِ الأمنيِّ في الوقتِ ذاتِهِ، فشرطةُ واشنطن العاصمةِ تعيشُ حالةَ استنفارٍ مثلهَا مثل بقيةِ الأجهزةِ، والاستخباراتِ الأمريكيَّةِ، الـ»إف بي آي »، والـ»سي آي إيه»، خوفًا من اختراقاتٍ أمنيَّةٍ،أو تفجيراتٍ، أو كمَا تعهدتْ منظَّمةٌ حقوقيَّةٌ معارضةٌ من: «أنَّها ستحاولُ منعَ حفلِ التنصيبِ، وإغلاقَ الطرقِ المؤدِّيةِ إلى مكانِ الحفلِ».

تصريحاتُ ترامب الحادَّة خلالَ لقائهِ الصحفيِّ معَ التايمز البريطانيَّةِ وبيلد الألمانيَّةِ الخاصَّة بحلفِ الناتو بأنَّه «منظمةٌ عفَا عليهَا الزَّمنُ»، وسياسة المستشارةِ الألمانيَّةِ ميركل معَ المهاجرِينَ والاتِّحاد الأوروبيّ، وجدتْ ردودَ فعلٍ قويَّةً من فرنسا وألمانيا، أقلّها تأكيدُهم علَى أنَّ الأوروبيِّينَ أدرَى بشؤونِهم الخاصَّةِ من غيرِهم.

كلُّ هذِهِ الإثارةِ لمْ يسبقْ أنْ شهدَهَا حفلُ تنصيبِ رئيسٍ أمريكيٍّ، فهلْ هذَا مؤشرٌ علَى أنَّ الأيامَ المقبلةَ ستشهدُ صراعاتٍ بشكلٍ مختلفٍ، حتَّى بينَ الحلفاءِ؟ أمْ أنَّ ذلكَ مجرَّد إثارةٍ لا أكثرَ ولا أقلَّ، ولنْ يكونَ لهَا أيَّة تداعياتٍ مؤثِّرةٍ؛ لأنَّ مؤسَّساتٍ أمريكيَّةً عدَّةً هِي صاحبةُ القرارِ، وليسَ الرئيس وحدهُ؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store