Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن سعد العرابي

هل الحرب الكلامية ستؤدي إلى حرب حقيقية؟!

A A
منذ أن وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى كرسي الرئاسة في البيت الأبيض، والحرب الكلاميَّة بين الإدارة الأمريكيَّة والقادة الإيرانيين لم تنقطع، بل تتزايد. وشكَّل إطلاق إيران صاروخًا باليستيًّا نهاية شهر يناير الماضي، قمة وتيرة تلك التصريحات، وأطلق حربا كلاميَّة بين الطرفين من عقالها.

البيت الأبيض وعلى لسان المتحدِّث الرسمي «شون سبايسر»، حذَّر إيران بقوله: «عليها أن تدرك أن هناك رئيسًا أمريكيًّا جديدًا، وأنَّه لن يقف مكتوف الأيدي إزاء انتهاكات إيران للقرارات الأمميَّة، وأنَّه سيتَّخذ ما يراه مناسبًا من القرارات بشأن إيران». كما وصف ترامب نفسه في لقاء مع قناة فوكس نيوز الأمريكيَّة، إيران بأنَّها: «الدولة الإرهابيَّة الأولى في العالم، محذِّرًا إيَّاها من اللعب بالنار». في حين وصف وزير دفاعه جيمس ماتيس إيران بأنَّها: «الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم».

في المقابل، تفاوتت ردود فعل القادة الإيرانيين، ففي حين استهزأ المرشد الإيراني علي خامنئي من التهديدات الأمريكيَّة بقوله: «نشكر الرئيس ترامب على كشفه الوجه الحقيقي للولايات المتحدة الأمريكيَّة، والذي كنا نقوله طوال السنوات الماضية، منذ نجاح الثورة من فساد سياسي واقتصادي وأخلاقي واجتماعي مستشرٍ في مؤسسة الإدارة الأمريكيَّة»، ردَّد وزير خارجيّته محمد جواد ظريف لغةً أقل حدَّة بقوله: «إنَّ إيران قد تواجه أيامًا صعبةً، لكن أعتقد أنَّ إدارة الرئيس ترامب ستدفع في إعادة المفاوضات حول برنامج إيران النووي، وهذا ما لا يرضينا، ولا يرضي الأوروبيين، ولا المجتمع الدولي». أمَّا قادة الحرس الثوري الإيراني والأكثر تأثيرًا في السياسة الإيرانية فقد كان موقفهم متشدِّدًا، فالجنرال حسين سلامي يقول: «إيران تحوَّلت إلى قوة إقليميَّة ذات تأثير عالمي، وأنَّها تريد إنقاذ العالم الإسلامي من الهيمنة لسياسة الأعداء، وأن السبيل الوحيد لذلك تحقيق التطور والرخاء وامتلاك القوة.. والشعب الإيراني مصمم على ذلك».

التفاوت في التصريحات والتحرّكات الإيرانيّة ليس بمستغرب، بل هو سمة يتبعها الإيرانيون فيما يُعرف بـ»سياسة حافة الهاوية»، فهم في جانب يدفعون بتصريحاتهم المتشدِّدة إلى حافة ما قد يؤدِّي إلى تماس واشتباك عسكري، ثم يعودون فجأة إلى مسافة بعيدة آمنة، وقد شهد العالم ذلك أثناء مفاوضاتهم الطويلة مع الغرب بشأن برنامج إيران النووي، لكن الظروف الدوليَّة الحاليَّة تشهد متغيِّرات جذريَّة لم تعد كما كانت من قبل تسمح للإيرانيين بالدفع إلى حافة الهاوية، دون تحمُّل النتائج المترتبة على ذلك، وهذا ما بدا واضحًا في حزم إدارة الرئيس ترامب؛ لأنَّهم يؤمنون بأنَّ إيران هي المحرِّك الحقيقي للاضطرابات الحالية في الشرق الأوسط، وانعكاساتها السلبيَّة في تدفق المهاجرين، وارتفاع وتيرة التطرُّف، والإرهاب على الغرب بأكمله، ولهذا فكما يرى محللون أنَّ إدارة ترامب تسعى أولاً إلى إخراج إيران من العراق، ثم بالتتابع إبعاد تأثيراتها في سوريا ولبنان واليمن، وأنَّ الحرب الكلاميَّة على حدتها لن تصل إلى حرب حقيقية بين الطرفين، بقدر ما هي توجيه رسائل حزم للإيرانيين بأنَّ سياستهم ليس لها قبول على الإطلاق، وأنَّ استمراريتها تعني عدم أمان للمنطقة وللعالم، وأن ذلك لن يمرَّ دون عقاب.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store