Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الهواة شوهوا دوري المحترفين

No Image

A A
على غرار المثل القائل «ما بين حانا ومانا ضيعنا لحانا»، يعيش الوسط الرياضي حالة من اللا انضباط في تطبيق نظام الاحتراف المسيِّر لكرة القدم السعودية، بسبب بعض الثغرات في لائحة الاحتراف التي التفت عليها الأندية ولجأت إلى التعاقد مع اللاعبين كهواة، مستغلة ثغرة الحد الأدنى من مقاعد اللاعبين المحترفين، والبالغ 20 لاعبًا في الدرجة الممتازة، و8 في الدرجة الأولى، حيث رأينا عدة حالات قد تكون بداية للعودة الكاملة لنظام الهواية، وهذا مخالف لمتطلبات الاتحاد الآسيوي للمشاركة في دوري المحترفين.

هذه القضية نطرحها اليوم للنقاش مع عدد من المهتمين بشأن الكرة السعودية عمومًا، ودوري المحترفين خصوصًا، حفاظًا على هوية الدوري وقوة النظام.

احتراف أعرج

رئيس رابطة دوري المحترفين ونائب رئيس اتحاد كرة القدم السابق محمد النويصر قالها صراحة: «احترافنا رغم مرور 30 سنة عليه تقريبًا، منذ أن أقرَّه الأمير فيصل بن فهد - يرحمه الله - إلا أنه «لا يزال أعرج»، لأنه يُطبَّق على اللاعبين بينما الإدارات التي تسيِّر النظام وتطبقه «هاوية»، والجهة الوحيدة التي احترفت العمل هي الرابطة واستقلت ككيان تجاري أتى مردوده منذ عام 2008، عملنا خلال تلك الفترة على إيجاد نوع من الحراك داخل الأندية وتحويل كرة القدم إلى كيانات تجارية كان لها ثمارها عليها، وستظهر أكثر عندما يتم تخصيصها في القريب العاجل.

وأكد النويصر أن تحويل اللاعبين من محترفين إلى هواة فيه تحايل على الأنظمة، وهو تراجع للخلف، وفيه خطورة شديدة على الطرفين (اللاعب والنادي)، لعدم وجود ضمانات لحقوقهما، فباستطاعة اللاعب الهاوي التوجه للعب خارج المملكة في أي وقت دون قيود، وأي نادٍ يستطيع التوقيع معه، كما أنه لا يستطيع المطالبة بحقوقه لدى الجهات المعنية بالاتحاد.

وشدد النويصر على أن تحديد سقف أعلى لرواتب اللاعبين كان هو الآخر خطوة للخلف من قبل الاتحاد، وأنَّ الرابطة عارضت المشروع في حينه وطرحت على الاتحاد مقترحًا بوضع سقف أعلى للميزانيات، وترك الحرية للأندية لتحديد رواتب اللاعبين بحسب مستوياتهم وكفاءتهم، وأضاف: «قرار الاتحاد خفَّض الرواتب لكنه سمح باللعب من تحت الطاولة، وهذا أخطر شيء على نظام الاحتراف ومستقبل اللعبة».

وتمنَّى النويصر أن يتمكَّن الاتحاد الجديد، ومن خلال التنظيمات المزمع إدخالها على اللوائح والأنظمة، وعلى آلية العمل في الاتحاد، أن تقضي على السلبيات، وتدفع المسيرة خطوات إلى الأمام.

مواد الاحتراف شوهت النظام

رجل القانون والناقد الرياضي محمد الدويش شرح الوضع القائم بقوله: «دوري المحترفين يُسمح فيه بتسجيل ومشاركة الهواة لوجود عدة خانات في قائمة الفريق التي تضم 30 لاعبًا، منهم 4 أجانب، ومبرر الأندية في هذا الجانب هو إفساح الطريق أمام اللاعبين الشباب القادمين من درجتي الشباب والأولمبي للالتحاق بالفريق، أو اللاعبين الذين لا يريدون الاستمرار كلاعبين محترفين مثل لاعب التعاون عادل الخميس المنتقل من نادي نجران».

ويضيف الدويش قائلًا: «هذه الثغرات أدَّت إلى هروب الأندية من الوفاء بالتزامات مالية مستحقة عليها نظير تعاقدها مع بعض اللاعبين، وأبرز هذه الحالات انتقال أسامة هوساوي للهلال، وعبدالفتاح عسيري للأهلي الذي استفاد من صفقة تسجيل سعيد المولد في الاتحاد بمبلغ 2.4 مليون ريال، قبل إلغاء المادة في لائحة الاحتراف، وهي المادة التي شوهت النظام برمته، وبالتالي نحن اليوم بحاجة ماسة إلى إلغاء المادة السادسة من اللائحة التي سمحت للنصر بتسجيل وليد عبدالله، رغم أن النادي محروم من التسجيل لعدم وفائه بشروط التسجيل، كما أنَّ الشباب حاول التحايل على النظام بتسجيل ثلاثي الهلال هواة، وهو محروم دوليًا من التسجيل».

واستطرد الدويش قائلًا: «لكي يكون لدينا نظام احتراف قوي، لا بدَّ من سد ثغرة لائحة الاحتراف، وعدم قيد أي لاعب هاوٍ، لأنَّ هذه الثغرات أضرَّت بالأندية حاليًا، وستضرّ باللاعبين مستقبلًا لأنه لا يوجد ما يضمن لهم الحقوق».

مخالفة للشروط الآسيوية

وجاء رأي رئيس نادي التعاون السابق وعضو اتحاد الكرة الأسبق محمد السراح في نفس السياق وهو يقول: «مؤسف جدًا أن يكون هذا حال كرتنا السعودية التي تتجه بسرعة عالية للعودة إلى وضع الهواية، بسبب وجود ثغرات كبيرة في نظام الاحتراف يندى لها الجبين، فقد أصبح اللاعبون يتحولون إلى هواة تحايلًا عن النظام، ولتحقيق مكاسب معينة لهم وللأندية المنتقلين إليها على حساب الأندية السابقة، وهذا التحوُّل على الورق فقط لأنهم في الواقع يتسلَّمون مبالغ كبيرة جدًا قبل توقيع عقود الانتقال، وسترى الأندية قريبًا نتائجها السلبية عليها لأنها لا تستطيع محاسبة اللاعب على تقصيره، والتظلم لدى جهات الاختصاص التي لن تلتفت إلى أي شكوى من هذا النوع».

ويرى السرَّاح أن الطريق الأمثل للقضاء على هذه الفوضى النظامية في لائحة وسوق الاحتراف، يتم بخصم نسبة معينة من عقود اللاعبين تتراوح بين 10 - 20 %إذا أراد الانتقال في الفترة الحرة وشراء ما بقي له من مدة العقد، مثلما تم سد ثغرة الكوبري التي انتشرت في فترات سابقة في ملاعبنا، حفاظًا على حقوق الأندية واللاعبين معًا، حتى وإن «تشطَّر» اللاعب وحصل على قيمة العقد مقدمًا فسيكون له حقوق مستقبلًا، وهي الرواتب، والمكافآت».

احتراف شرفي

وصف الإعلامي الحالي واللاعب الدولي السابق صالح الداود، الذي عاش الاحتراف لاعبًا، ثم مديرًا للاحتراف، فوكيلًا للاعبين والآن إعلاميًا، الاحتراف لدينا بأنه «شرفي» ويتأرجح ما بين الاحتراف والهواية حسب اتجاه الريح (!!!) فهو دوري محترفين على الورق، وعلى أرض الواقع «هواة»، نتيجة الثغرات في النظام التي أوجدت الفوضى، فاللوائح مطاطية تخدم الأندية أكثر من اللاعبين الذين هم الأساس بنحو 80 %، وتغفل حق اللاعب، المستفيد فقط من العوائد المالية التي يحصل عليها.

ويستطرد الداود قائلًا: «24 سنة على صدور نظام الاحتراف ولا تزال الهواية تعشعش في عقول مسؤولي الأندية الباحثين عن نتائج وقتية تُحسب لهم دون النظر إلى مستقبل الأندية، هربًا من الضغط الجماهيري والإعلامي عليهم، وهذا بدوره أدى إلى تراكم الديون على الأندية والتي أحمِّل لجنة الاحتراف الجزء الأكبر من مسؤوليتها».

أضعنا مشيتنا

ويرى الرئيس الأسبق لنادي القادسية وعضو اتحاد كرة القدم جاسم الجاسم أنَّ المشكلة الأساسية تكمن في الأنظمة التي تسمح للأندية باختراقها والتحايل عليها بصورة واضحة وصريحة حتى إننا «ضعينا مشيتنا ومشية الحمامة» فلا نحن محترفون نلتزم بكل متطلبات الاحتراف، ولا نحن هواة ونعيش ذلك الزمن وظروفه، وهنا يجب الإشارة إلى أن الأنظمة القارية والدولية تساعد على هذه الفوضي والتي يجب القضاء عليها حتى يكون لدينا احتراف حقيقي، وليس احترافًا ورقيًا.

البرقان السبب

الإعلامي المتابع لشأن الاحتراف والمطَّلع على قوانينه سعود الصرامي يرى أن مشاركة كل من معتز تمبكتي، وأسامة هوساوي، وعبدالفتاح عسيري، ووليد عبدالله مع أنديتهم الجديد غير نظامية وفقًا للائحة التفسيرية لنظام الاحتراف الدولي والمحلي، وأن اتحاد كرة القدم ممثلًا بلجنة الاحتراف، والأمانة العامة تجاوزوا الأنظمة في هذا الجانب لأنهم قضوا بهذه الموافقة على النزاهة في اللعب التي تدعو إليها اللائحة، محملًا الدكتور عبدالله البرقان رئيس لجنة الاحتراف مسؤولية هذه المخالفات لوجود ثغرات في النظام أصرّ على بقائها حتى الآن في اللائحة.

وطالب الصرامي باستقالة البرقان من منصبه والبحث عن مدير للاحتراف، ليس بالضرورة أن يكون سعوديًا، لترسيخ مفهوم الاحتراف لدينا وجعله نظامًا يحاكي الأنظمة المعمول بها في الدول المتقدمة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store