يوم الخميس الماضي، وفي صحيفة الوطن أعلنت (جامعة جدَّة) عن عشرات الوظائف الأكاديميَّة في كليَّات (الطِّب، والحاسب وتقنية المعلومات، والهندسَة، والعلوم والآداب، والأعمال، والتربية، ومعهد اللغة الإنجليزيَّة)، وبدايةً شعرت بالبهجة؛ فهذه فُرَصٌ وظيفيَّة لشبابنا المؤهَّل، ولاسيما القادمين من محطة الابتعاث؛ ولكن الصَّدمة تأتي باشتراط الجامعة أن يكون المتقدِّمون لتلك الوظائف ممَّن يحملون شهادة الدكتوراة، (وهم على درجتي أستاذ، أو أستاذ مشَارك).
وهنا العقل والمنطق والواقع كلُّها تؤكِّد بأنَّه لا يمكن لأيِّ (سعوديٍّ يحمل تلك المؤهلات) أن يكون عَاطلاً، ثمَّ إنَّ (الجامعة حكوميَّة تحكمها الأنظمة)، فليست من القطاع الخاص لتمتلك استقطابهم بالحَوافز، والمغريات الماليَّة!
ولذا فـ(الجامعة) بذاك الإعلان أراها تقوم فقط بِذَرِّ الرَّمَادِ في العيون، فهي تبحث عن الأجانب والمتعاقدين، ولا أستبعدُ أنْ تكون لجان تعاقدها الآن خارج المملكة أو في طريقها إلى هناك.
وفي ذات الميدان -وبعيدًا عن (جامعة جدَّة)- فالعديد من المؤسَّسات الحكوميَّة تتعامل مع الوظائف الشاغرة لديها وكأنَّها أملاك خاصة، من خلال العديد من الخطوات والإجراءات الغريبة. فالإعلان عنها قَد يكون في الرّكن البعيد الهَادي من المؤسَّسة؛ بحيث لا يطَّلع عليه إلاَّ منسوبوها، أو ربما في صفحة بعيدة غير مقروءة من إحدى الجرائد، ثمَّ إنَّ الشروط اللازمة للوظيفة يتمُّ التحكُّم فيها وصياغتها، بحيثُ تكون مُفَصَّلَة تمامًا على أصحابها (وكأنَّها تنادي نُريد أولئك فقط)، أمَّا المسابقات فصدِّقوني هي في الغالب صوريَّة؛ أمَّا بقية المشاركين فيها، فهم مثل الذين يخوضون سباقات الجَري الطويل، ومهمتهم -فقط- قيادة البطل لمحطة الفوز، ومَن لم يتم إبعادهم بالشروط، والاختبارات التحريريَّة، يُقْصَونَ بالمقابلات الشخصيَّة.
أخيرًا (أعضاء هيئة التدريس) الذين تطلبهم العزيزة (جامعة جدَّة) سيُحَاضِرون في المرحلة الجامعيَّة، وبالتالي أبناء الوطن بوظائفهم أولى، ويبقى السؤال: أين دور وزارة الخدمة المدنيَّة، وهيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالَة؟.