آخر حلقات آفة الفساد الموجودة في مجتمعنا ما يتم تداوله هذه الأيام، عن تهمة فسح شحنة من العجول المصابة بالحمى القلاعية إلى بلادنا (المدينة 9 فبراير).
حسب الروايات الشائعة، فإن المسلسل بدأ من مكانٍ ما في إفريقيا، ثم قام أحد المواطنين من تجار الماشية بتدبير أمر إدخال الشحنة المكوّنة من 3000 عجل دفعة واحدة. ولولا أن تاجرًا آخر وشى بصاحب الشحنة لربما مرت القضية بسلام على صاحبها، وعلى مدخلها وعلى آكل مالها، ولما أصاب ضررها وشرها إلاّ المجتمع الغافل المطمئن، إلا أن وزارة الزراعة يقظة منتبهة تواصل العمل بالنهار لحماية صحته ولدرء خطر المفسدين عنه وعن أسرته.
شخصيًا لست متفائلًا بانتهاء القضية على عجل، فوزارة الزراعة والمياه والبيئة تنفي أي إصابة في الشحنة المشبوهة على لسان وكيل الوزارة المسؤول عن هذا الملف، ثم في خبر آخر يتضح أن الوزارة حاولت فحص الشحنة المشبوهة، لكن مالكها رفض السماح بفحصها، فاستعانت الوزارة برجال الأمن لإجراء الفحص. وإلى هنا ربما توقفت صباح عن الكلام غير المباح.
ربما كسبت الرهان إذا قلت إن القضية ستدخل في دهاليز وسراديب لا يعلم مداها إلا الله! ربما سمعنا (طراطيش) هنا وهناك لا تشفي الغليل كما هو المعتاد! انتظروا مثلًا خبرًا من شاكلة (التاجر م. ص. ع ينفي إصابة أي عضو بقري في الشحنة المعنية بأي مرض موبوء!) وخبرًا آخر من شاكلة (الادعاء العام يحقق في شحنة العجول التي استوردها التاجر م. ص. ع.)، وخبرًا آخر (وزارة الزراعة تنفي علاقتها بشحنة التاجر م. ص. ع وتلقي اللوم على موظف الجمارك ف. ت. ب الذي فسح الشحنة دون علم مسؤول الوزارة في جازان السيد ك. هـ. ط).
هكذا يتلاعب الفساد بأعصاب المواطن، الذي ينتظر على أحر من الجمر الكشف عن الحقائق المرة المفزعة وأبطالها المفسدون.
وتمر الأيام دون جديد كما مرت أعوام على قضايا كان المطلوب كشف ملابساتها والجناة الحقيقيين وراءها حتى لكأنهم أصبحوا (فص ملح وذاب!).. والله المستعان.