Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن سعد العرابي

بداية انحسار الدور الإيراني

A A
* التراشق الإعلامي والتصريحات المتطايرة مؤخراً بين المسؤولين الأتراك والإيرانيين دفعت العديد من المحللين السياسيين إلى اعتبار ذلك بداية لتوتر في العلاقات بين الطرفين،والتي كانت تعتبر استثنائية ونموذجاً حول كيفية تغليب المصالح على عوامل الصراع.

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو وجه انتقادات حادة لإيران في كلمته أمام مؤتمر ميونيخ للأمن بقوله: «إن إيران تسعى إلى تحويل سوريا والعراق إلى بلدين شيعيين» كما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وخلال زيارته للمملكة ودول الخليج العربي اتهم إيران بتعزيز اتجاهات القومية الفارسية،وهو ما دفع الخارجية الإيرانية إلى استدعاء السفير التركي لديها للاحتجاج على تلك التصريحات وبأن إيران لن تبقى صامتة على تلك التصريحات.

في المقابل ردَّت الخارجية التركية على لسان المتحدث الرسمي لها حسين مفتي أوغلو بقولها: «على إيران اتخاذ خطوات بناءة ومراجعة سياستها الإقليمية فهي لا تتردد في إرسال لاجئين يحتمون من أزمات إقليمية إلى مناطق حروب»، وهو ما دفع بوزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف وفي لقاء خاص مع وكالة «فارس» الإيرانية الإخبارية إلى القول: «إن سياسات تركيا الخاطئة التي اعتمدتها في المنطقة تدفع أنقرة إلى تحميل الآخرين مسؤولية فشلها».

بقدر الاتهامات التي تحملها هذه التصريحات إلا أنها قد لا تشي بتوتر في العلاقات التركية الإيرانية بقدر ما تشير إلى بداية انحسار في النفوذ الإيراني في المنطقة، فتركيا إلى ما قبل التصريحات كانت أحد أهم الشركاء لإيران وساعدت كثيراً في تخفيف حدة الحصار الذي فرضته العقوبات الدولية على إيران نتيجة لبرنامجها النووي من خلال حركة التجارة المتبادلة بين البلدين،وكانت بوابة إيران للخروج من خنقة الحصار،كما أن موافقة تركيا الضمنية على دور إيراني في العراق وسوريا بعد سقوط نظام صدام وبداية الثورة السورية سهَّل لإيران التوغل أكثر والحركة بحرية أكبر.

هذا إذا أضفنا إلى ذلك الموقف الحازم للإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس دونالد ترامب ضد إيران والتي تمثلت في العديد من التصريحات المحذِّرة للإيرانيين،آخرها تصريح نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس: «سنقف بقوة لمساعي إيران زعزعة العالم العربي» ،بما يعني تغيراً جذرياً في رؤية الإدارة الأمريكية لإيران عن إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. كما لا ننسى في هذا السياق التغير في طبيعة العلاقات ما بين روسيا وتركيا والتي أخذت منحىً ودياً دافئاً أكثر من ذي قبل،والتي ظهرت بكل وضوح في تقارب الرؤى الروسية التركية حول سوريا، بعكس الرؤى الإيرانية الروسية والتي شهدت نوعاً من الاختلاف.

كل هذه المؤشرات دلالة مؤكدة على أن النفوذ الإيراني في المنطقة والذي وصل إلى ذروته سيبدأ في الانحسار وستبقى إيران وحيدة من غير مؤيد روسي أو تركي كما في السابق ولن يكون أمام الساسة والملالي الإيرانيين سوى إعادة النظر كما نصحهم الأتراك أو مواجهة قوى إقليمية ودولية لن تكون نتائجها في صالح الإيرانيين أبداً.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store