تأتي الزيارة الثانية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للصين في إطار تطوير العلاقات الثنائية بين المملكة والصين بشكل معمق، وتتويجًا لجهود البلدين نحو التعاون الإستراتيجي في المجالات كافة سواءٌ على المستوى السياسي نحو تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتوصلًا إلى التوافق في الرؤى، بما يحقق المصالح المشتركة للجانبين، وكذلك رفع مستوى العلاقات الإستراتيجية بين البلدين ومواصلة تكثيف الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين وتعزيز التعاون الثنائي في مجالات الاقتصاد والتجارة والمعادن والاستثمار والتعاون الفني والتقني وتعزيز التعاون في مجالات البنية التحتية. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بدأ زيارته الأولى للصين في مارس 2014، لدعم وتشجيع التعاون الإستراتيجي في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، وتبادل الآراء في إطار حرصهما على الأمن والاستقرار إقليميًا وعالميًا، وأهمية تحقيق السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط وفقًا لمبادرة السلام العربية ومبادئ الشرعية الدولية.
طريق الحرير البحري في القرن الـ21
ومؤخرًا طرحت الصين مبادرة بناء «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» و«طريق الحرير البحري في القرن الـ21» مع دول آسيا وأوروبا، وتقع السعودية في منطقة التلاقي بين طريقي الحرير البري والبحري، مما يخلق فرصًا وآفاقًا جيدة للتنمية. وتشارك الشركات الصينية في مشروعات البناء الكبرى في المملكة ومنها مشروع قطار الحرمين الذي يربط المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة عبر جدة. ومن نماذج التعاون الاقتصادي المهمة تعاقد شركة «سينوبك» الصينية مع أرامكو لبناء مصنع بطاقة 400 ألف برميل يوميا وبدأ تصدير أولى شحناته في يناير الماضي. الجدير بالذكر أن أكثر من 1200 من الطلاب والطالبات السعوديين يدرسون في حوالى 83 جامعة صينية وفي 57 تخصصًا.
الصين أكبر شريك تجاري للمملكة
وصل النمو المتسارع في ميزان التبادل التجاري بين البلدين إلى 75 مليار دولار، لتصبح الصين أكبر شريك تجاري للمملكة، حيث بلغت قيمة الواردات السعودية من الصين فى عام 2015 نحو 6.6 مليار دولار بزيادة 31%عن العام الماضي وأهم المنتجات الصينية المصدرة للسوق السعودية الآلات والمعدات ومعدات النقل والمعادن. ويبلغ مجموع الشركات الصينية العاملة في المملكة نحو 150 شركة استثمرت مبالغ في حدود 700 مليون دولار جلبت لها ما وصل 5.6 مليار دولار من الأعمال التي استفادت منها السوق الصينية.
مجلس الأعمال السعودي الصيني يوقع 8 اتفاقيات استثمارية
ضمن زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لجمهورية الصين الشعبية، وقع وفد مجلس الأعمال السعودي الصيني برئاسة المهندس عبدالله بن سعيد المبطي 8 اتفاقيات ومذكرات تفاهم وذلك خلال ملتقى الأعمال السعودي الصيني الذي عُقد في بكين برعاية ومشاركة معالي وزير التجارة والاستثمار، ومعالي وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، ونائب رئيس المجلس الصيني لتنمية التجارة الدولية.
وأوضح رئيس مجلس الأعمال السعودي الصيني المهندس عبدالله بن سعيد المُبطي خلال افتتاح أعمال الملتقى والاجتماع الأول لمجلس الأعمال السعودي الصيني في دورته الجديدة إلى تطلعه بتحقيق قفزة نوعية ومميزة في التعاون بين قطاعي الأعمال في البلدين، من خلال اختيار الطرق والأساليب الناجحة. لافتا إلى أن التجارة بين البلدين عند انشاء مجلس الأعمال المشترك كانت في حدود 200 مليون دولار، بينما تعدت في السنوات الأخيرة 70 مليار دولار.
14 مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون
عقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عدة مباحثات مع الرئيس الصيني شين جين بينغ أثناء زيارته الرسمية للرياض في يناير الماضي أسفرت عن توقيع 14 مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون بين حكومة البلدين شلمت تعزيز التعاون المشترك في شأن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال العلوم والتقنية، وفي المجال الصناعي، وفي مجال الملاحة بالأقمار الصناعية، وتعزيز تنمية طريق الحرير المعلوماتي، وقروض لمشروع التطوير البيئي منطقة جنتاي بأقليم شنشى، مشروع حماية الأراضي وتطوير بحيرة هيوانقي بإقليم أنهوي، بالإضافة إلى مذكرة تعاون حول مشاورات مكافحة الإرهاب، وكذلك مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطاقة المتجددة، واتفاقية التعاون لإقامة المفاعل النووي ذي الحرارة العالية والمبرد بالغاز، والبحث والتطوير بين شركة أرامكو السعودية ومركز بحوث التطوير التابع لمجلس حكومة الصين، ومع الشركة الصينية الوطنية للبتروكيماويات SINOPEC، وأخرى للتعاون الاستراتيجي لتنمية الاستثمارات الصناعية والمحتوى المحلي، بالإضافة إلى مذكرة التفاهم بين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وإدارة التراث الثقافي في جمهورية الصين.
شراكة نفطية إستراتيجية
والمملكة أكبر مصدر للنفط إلى الصين بنحو 45 مليون طن من الخام سنويا، وخلال العقدين الماضيين زاد الطلب الصيني على الطاقة بشكل كبير حيث نما اقتصاد الصين بوتيرة سريعة، وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن واردات الصين من الشرق الأوسط ستتضاعف تقريبا بحلول عام 2035، وبالتالي فإن التنسيق بين البلدين الكبيرين
حول مسألة تدنى أسعار النفط مهم للغاية في هذه المرحلة حتى يتم إعادة الاستقرار الى السوق واستكشاف آفاق جديدة للتعاون المثمر بينهما. وأنشأت شركة أرامكو السعودية أكبر مصفاة وشركة مبيعات للمنتجات النفطية بالتعاون مع شركة سينوبك الصينية وشركة إكسون موبيل الأمريكية في مقاطعة فوجيان بجنوب شرقي الصين، بالإضافة إلى توقيع اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين شركة هاربين للهندسة الكهربائية، والشركة السعودية للطاقة الكهربائية بشأن إنشاء أول محطة لتوليد الطاقة الكهربائية النظيفة تعمل بالفحم في منطقة الشرق الأوسط مع بلوغ سعة المولدات الكهربائية 1200 ميجاوات.
زيارة الرئيس الصيني لتعزيز التعاون المشترك
حققت الزيارة الرسمية للرئيس الصيني شين جين بينغ إلى الرياض في يناير 2016، والتي شملت جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والتجارية لتعزيز الشراكة الإستراتيجية بين الصين والمملكة بثقلها السياسي والاقتصادي المؤثر فى المجتمع الدولي على جميع المستويات الدبلوماسية والاقتصادية. وبشكل عام، تقوم العلاقات السعودية - الصينية على الاحترام المتبادل على جميع الأصعدة، وتتلاقى في ملفات كثيرة أهمها دفع عملية السلام في الشرق الأوسط، ومنها الدعم الصيني لموقف المملكة من القضية الفلسطينية ودعم حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة، والأزمة السورية. ودشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والرئيس شين جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية في الرياض مشروع شركة ينبع أرامكو ساينبوك للتكرير «ياسرف».
زيارة ولي ولي العهد للصين
تعد الزيارة التي قام بها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الصين من الزيارات المتبادلة المهمة التي هدفت إلى دعم التعاون الإستراتيجي بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية. وكانت الزيارة ضمن جولة آسيوية قام الأمير محمد بن سلمان استغرقت 9 أيام في منطقة شرق آسيا، وتمحورت الجولة حول طرح الرؤية السعودية 2030 وخطة التحول الوطني الاقتصادي وتقديمها إلى كبرى الدول الاقتصادية في العالم الصين واليابان، واستكشاف فرص أكبر للتعاون مع المملكة وخاصة فى المجال الاقتصادي، كما تناقش الزيارة 3 ملفات اقتصادية رئيسة تتناول أوضاع السوق النفطية، والتعاون الاقتصادي المشترك، وكذلك خطط طرح حصة من أسهم أرامكو وبرامجها المستقبلية التوسعية في شرق آسيا.
السعودية والصين علاقات إستراتيجية وتعاون على الأرض وحول القمر
تاريخ النشر: 15 مارس 2017 03:04 KSA
A A