مع مرور كلِّ يوم في عصرنا الحاضر، تتبدَّى تدريجيًّا سوءات الحضارة الغربيَّة المعاصرة، ويثبت بشهادة أقوام منهم، بل وبالدليل القاطع المبني على الصوت والصورة. هذه الحضارة التي غرَّت كثيرًا منَّا، بل وغرَّرت بمعظمنا؛ كونها تلبس زيًّا فاخرًا جاذبًا، في حين تخفي خلفه قلوبًا جامدةً، وعقولاً ماكرةً، وابتساماتٍ زائفةً.
كلُّ يوم يمرُّ ويتعزَّز (بفضل التقنيات الحديثة) استحواذ الدرهم والدينار والدولار على قلوب هؤلاء القوم، فلا يفقهون غير المال لغةً، ولا وسيلةً للتواصل سواه.
تاجروا بالبشر منذ أمد، فسرقوا الأحرار من إفريقيا السوداء؛ ليستعبدوهم في الأرض الجديدة التي هي اليوم بلاد العم سام. وظنَّ النَّاس أنَّه عهدٌ قديمٌ قد انتهى قبل قرابة 50 سنة، ثمَّ استغلُّوا النساء، فباعوا أجسادهنَّ سلعةً تُعرض، وأعراض تنتهك، وظنَّ النَّاسُ أنَّها خيارات هؤلاء الضحايا، وهنَّ لها مستحقات.
ومؤخَّرًا رأيتُ مقطع فيديو يُصوِّر المراحل التي تمرُّ بها (البقرة) الصمَّاء، منذ لحظة مولدها حتَّى ساعة موتها.
هذه البقرة الحيَّة تُعامل كأنَّها مجرَّد آلة صمَّاء، بل أشد وأنكى، إذ يحافظون على الآلات ويصونونها، فمثلاً يحرص أصحاب الشركات المنتجة للحليب في الغرب على شفط كلِّ قطرة حليب منها، حتَّى عندما تلدُ رضيعًا لها يسحبونه منها مباشرة؛ ليُدخلوه في دورةٍ جديدةٍ بلا رحمة، فإنْ كان ذكرًا سلك دورةً خاصَّةً تنتهي غالبًا بموته مبكرًا؛ حتَّى يُستفاد من لحمه، وعظمه، وشحمه، وفرثه، وإلاَّ خُصِّص لإخصابِ الإناثِ من البقر.
وأمَّا الأنثى فيحرصون على بلوغها سنَّ الإنجاب سريعًا، حيث يمارس هذا التسريع عبر يد الإنسان. وأمَّا الإنجابُ فعمليَّة صناعيَّة، إذ يُسحب ماء الذكر صناعيًّا، ثمَّ تُلقَّح به الأنثى كذلك. وما أن تلدَ حتَّى يُسحب صغيرها فتظلّ تصيحُ ولا مغيث، فالأمومة حاجة فطريَّة غريزيَّة حتَّى للحيوان. وما أنْ تلدَ حتَّى تُلقَّح مرَّة أخرى بسرعة؛ كي تحمل مرَّة أخرى، فلا راحة إطلاقًا. فإذا بلغت من العمر سنوات خمسًا أو تزيد قليلاً، استرخصوا حتَّى الرصاصة فيها، أو الساطور، وإنَّما هرسوها حيَّةً تحت ضغط الآلات الضخمة؛ ليستفيدوا من كلِّ قطعة فيها فيبيعوها للناس، وقد غلَّفوا المنتجات بحذاقة ونظافة، والمضمون رديء مغشوش، لو علمه الزبون ما اشتراه أبدًا.