نهاية الأسبوع قبل الماضي، التقى قادة (الاتحاد الأوروبي) للاحتفال بالذكرى الستين لإنشاء الاتحاد الذي بدأ بستة دول وانتهى اليوم إلى 27 دولة (بعد انسحاب بريطانيا)، اجتمع الرفاق في الفاتيكان بصفتها قلب الديانة النصرانية، لتؤكد للمرة المليون أن هذا الاتحاد مسيحي المنشأ والمولد والحال والمآل، ربما كانت رسالة قوية واضحة لتركيا التي ستحتفي بعد 6 سنوات بهدم آخر قلاع الذل التي تجرّعتها ثمنًا لتولي الهالك أتاتورك الحكم بعد سقوط الخلافة العثمانية.
السؤال عن حال الاتحاد اليوم! المراقبون والمحللون السياسيون يراهنون على استمرار الاتحاد، لكن ضعيفًا، وربما مفككًا خاصة بعد خروج بريطانيا منه العام الماضي، وأما الضعف فليس مرده إلى السياسة، وإنما إلى الاقتصاد، إنه الاقتصاد أيها السياسيون في كل مكان.
حالة اليورو ليست مطمئنة، في ظل تراجع اقتصاديات عدد غير يسير من أعضاء الاتحاد الذين شكّلوا البنية الأساسية لليورو، ومنهم إسبانيا وإيطاليا والبرتغال وحتى فرنسا، وقد سبقتهم اليونان التي أوشك اقتصادها على الانهيار كليًا حتى عجزت الدولة عن صرف رواتب موظفيها لولا تدخُّل دول الاتحاد الكبرى بقروض سخية، وعلى رأسهم ألمانيا، إنها الديون الهائلة، والسياسة الرأسمالية الفاشلة.
ومما يزيد الطين بلة عدم رغبة الرئيس ترامب في دعم هذا الاتحاد، بل هو يعتبر أن حلف الناتو عبئًا على الولايات المتحدة، ما لم تُسارع دول الاتحاد الأوروبي إلى دفع فاتورة تُقارب 400 مليار دولار للولايات المتحدة.
وأما القلق الأكبر الذي يسيطر على العقلية السياسية الأوروبية فهو راجع إلى تململ الرقم الصعب في الحالة الأوروبية، والذي تُمثِّله تركيا اليوم، أوروبا والغرب كله من خلفها لا يريد لتركيا تجاوز حالة الرجل المريض الذي عاشته طوال قرن من الزمان، وتركيا لا تريد إلا أن تستجيب لمطالب شعبها، فتُسخِّر كل قدراتها وثرواتها التي حُرمت منها طوال 94 عامًا، وهي تستعد منذ عقدٍ مضى بقيادة أردوغان على الانعتاق من هذا القيد الظالم الجائر.
من يدري عن حال أوروبا ووضع تركيا بعد 6 سنوات من الآن؟! لكن المؤكد أن لله سنة لا تتبدَّل ولا تتحوَّل: (وتلك الأيام نداولها بين الناس).