Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

الصحة تاج على رؤوس المشاة!!

الحبر الأصفر

A A
كَتبتُ كَثيرًا عَن فَوَائِد المَشْي، ولَستُ مَعْنيًّا بآرَاء الأَطبَّاء وعُلمَاء النَّفس حَول المَشي، لأنَّ ذَلك مُتَاحٌ ومَعلومٌ للبَاحِث الجَاد، وبِمَا أنَّني تَنَاولتُ فِي كِتَابَة سَابِقَة؛ دور المَشْي فِي تَنشيط الذِّهن، سأُخصِّص اليَوم هَذه الكِتَابة لدور المَشْي فِي امتصَاص التَّوتُّر، وتَخليص الجِسم مِن القَلَق، وإذَا أَردتُم الأَدلَّة العِلميَّة عَلَى أَنَّ المَشْي أَفضَل عِلَاج للقَلَق، فإليكُم هَذه الشَّواهِد:

يَقول المُستشَار الأُسري الأُستَاذ «جاسم المطوّع»؛ في إحدَى نَصَائحه لحَلِّ المُشكِلَات الزَّوجيَّة -مُوجِّهًا حَديثه للزَّوجَة بالذَّات-: (استَغلي الأوقَات التي تُمَارِسَان فِيهَا رِيَاضة المَشْي، للحَديث والثَّرْثَرَة، لأنَّ ذَلك سيَنعَكس إيجَابًا عَلى حَيَاتكما الزَّوجيَّة)..!

كُلُّنَا نُشاهد المُسلسلات المِصريَّة، ومِن الآن، رَكِّزوا عَلى مَشهد، يَظهر فِيهِ الزَّوج بجوَار غُرفة الولَادَة، مُنتَظرًا الخَبَر السَّعيد.. إذَا تَأمَّلتُم المَشهَد، ستَكتَشفون أنَّ الزّوج لَيس جَالِسًا، لأنَّ الجلُوس يزيد مِن التَّوتُّر، ويَرفع مِن حَرَارة الانتظَار، وإنَّما هو يَذرع المَمرَّ المُجَاور للغُرفَة، ذِهَابًا وإيَابًا، لِعِلم هَذا الزَّوج -بفِطرته السَّليمَة- أَنَّ المَشْي يُقلِّص التَّوتُّر، ويَمتصُّ الانفعَال..!

وبِمَا أَنَّ الرَّسولَ -صَلّى الله عَليه وبَارك- أُوتي جَوَامِع الكَلِم، فقَد نَصَح الغَضبَان بتَغيير وَضعه الجَسدي، مَمَّا يَدلُّ عَلَى أَنَّ الحَركَة بَركَة، حَيثُ جَاء فِي الحَديث الشَّريف: (إذَا غَضِبَ أَحدُكم وهو قَائِم فليَجلس، فَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَلْيَقْعُدْ، وَإِنْ كَانَ قَاعِدًا فَلْيَضْطَجِعْ). فإذَا كَان القِيَام والقعُود -وهي مُجرَّد حَرَكَات بَسيطَة- يَمتصَّان الغَضب، فمَا بَالكم بالمَشْي، الذي يَمدُّ الجِسم بطَاقاتٍ لَا حدُود لَهَا؟!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي أَنْ نَقول: إنَّ خَير الأمُور خَواتيمها، لذَلك سنَختم بدَليل مِن القُرآن الكَريم، يُثبت أَنَّ الحَركَة لَا تُخفِّف التَّوتُّر فَقَط، بَل تُحفِّف -أَيضًا- الأَلَم المَوضعي، ومَن يَقرأ قصّة مَريم -عَليهَا السَّلام- يَجد أنَّها أُمرت بَعد الولَادَة؛ بأنْ تَهزُّ جِذع النَّخلَة، ولَو شَاء الله، لأَسقَط التّمر في حِجرها، ولَكن الحِكمَة الإلهيَّة أَرشَدتها إلَى الحَركَة، حَتَّى تُخفِّف مِن آلَام المخَاض، حَيثُ قَال تَعَالَى: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا)..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store