كدتُ أنسى طعمَ الحبرِ على الورقِ، لولا أنْ أُصبتُ بقدرٍ كبيرٍ من همٍّ وإرهاقٍ وتعبٍ، لا يريحيني منها إلاَّ حبرٌ وورقٌ..
وإنِّي تعبتُ فهويتُ، ثمَّ أفقتُ ووقفتُ فقويتُ.. وإنْ غبتُ عنك وتواريتُ.. فأعلم أنَّ إعصارًا من قوَّةِ الجبابرة قادمٌ إليك..
وهل أشعرُ إلاَّ أنَّي ميتىةٌ تسيرُ بصمتٍ وسط الأحياء؟ أم أنَّي أتفجَّرُ حياةً وسط الأموات؟!
ينظرُونَ إليَّ كأنِّي امرأةٌ من حديدٍ.. كلُّهم.. كلُّهم بعيد وقريب، وقد أرهقني الإنجازُ والامتيازُ، وسرعةُ التَّنفيذ، تلاحقُني أحلامُ النَّجاح يقظةً وهائمةً ونائمةً.. وكوابيسُ الفشل تتلاشَى كلَّما خطَّ النَّورُ في سماءِ الفجر أمامَ نظرةِ تحدٍّ تطلُّ من عينيَّ..
أرهقني الصعودُ المستمرُّ، كمَا يرهقُ القلبَ السقوطُ في الهاويةِ، بلاسمُ الشُّكرِ لم تعدْ ترضينِي، لم تعدْ تكفينِي..
وكلَّما برقتْ لي فكرةٌ أنجزتُهَا.. أحسبُهَا في رصيدِي زيادةً.. وأظلُّ أنظرُ حولي لأجدنِي رغمَ كلِّ الصعودِ والإرهاقِ.. مازلتُ أنَا أنَا، هنَا.. هنَا، وهم هناك.. هنااااك..!
لكنِّي الكائنُ الحيُّ الوحيدُ الذي بقي ساطعًا أيُّها الأمواتُ.. تأكلُونَ ممَّا أطعمتُكم بيدي أنَا.. وتنتهُونَ بآخرِ لقمةٍ أحشُو بهَا أفواهَكم الفارغةَ.