(١)
الكلماتُ: ملكاتٌ ولكماتٌ.
هذه كلمة تأتي كأنَّها: قُبلة..
وهذه كلمة تحرُّش بها «نُون» مجنون، لتصبح: قنبلة!..
وبعض الأشياء: إذا زادت.. نقصت!
تلك كلمة تحطُّ على شرفة رأسك كأنَّها حمامةٌ، فيصبح الليل هديلاً، وتلك كلمة تهبط مثل نيزك!
تلك كلمة تشقُّ الأرضَ كأنَّها زهرةٌ بريَّةٌ، وكلمة أخرى تشقُّ الأرضَ كأنَّها زلزالٌ.
والرؤوس تختلف، رأسٌ يطلُّ على الشاطئ، فيكتب البحر، ورأسٌ يطلُّ على ضجيج الشارع، فيكتبه الصداع!
(٢)
والكلمة ملقاة على قارعة الطريق، تذروها الرياح على رصيف مهمل مثل «ورقة»..
يلتقطها رأسٌ حرٌّ ونبيهٌ ولمَّاحٌ، يصنع منها:
طائرةً ورقيَّةً تجعلُ أحلام طفل تطير معها في الفضاء.
يجعلها رسالةَ حبٍّ.
يتخيَّلها خريطةَ كنزٍ مدفونٍ..
يصنع من اللا شيء ألفَ شيءٍ فاتن ومدهش.
(٣)
الكلماتُ أرواحٌ تجوبُ الفضاءَ بحثاً عن رؤوس عبقريَّةٍ تتبنَّاها وتعيدُ بناءها..
الحرفُ: روحٌ.. لا يدخل إلاَّ في كلمة تشبهه، وتحترم رسمه ومعناه:
الشينُ: شرٌّ، وشجارٌ، وشركٌ. وشبكٌ.
والسينُ له أسنانٌ، حادٌّ وجارحٌ مثل: سنان، وسكين، وسهم، وسيف.
والكافُ: كفٌّ يكفكفُ دمعَ كفيفٍ ويكفُّ الكفافَ.
والحاء: حُر حرض حقك لحرب، وهو: حبٌّ، وحنانٌ، وحضنٌ، وحميمٌ.
والعينُ: عينٌ، و«عين»، وعَبْرَةٌ
والعربُ من ثلاثة حروف، ابتكروا عدَّة كلمات.. كلّ كلمة تُؤشِّر للأخرى ليصل المعنى: «ضرع».. «رضع».. «عرض»!
في قلب «الألم» سترتب «الأمل»..
وفي فوضى «المحنة» بإمكانك أن ترى «المنحة».
(٤)
في القرآن الكريم، ستقولُ لك الكلمات بمعناها وشكلها ورسمها:
إنَّ الكونَ دائرةٌ ضخمةٌ.. تدور.
وإنَّ أوَّلَه آخرُه!
وإنَّ البدايةَ: النهايةُ.
اقرأها من البداية «كُلٌّ فِي فَلَكٍ» اقرأها بالعكس.. ستجدها: تدورُ، وتسبحُ، وتُسبِّحُ!
(قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا).
(وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ).
الكلماتُ غزيرةٌ ووفيرةٌ وكثيرةٌ، لا تُعدُّ ولا تُحصى..
ولكنَّك أنت.. لا تجيدُ الكلام!