ماهي الصفقة التي يريد النظام الإيراني التوصل إليها مع إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب ؟ .. فقدت طهران إدارة أميركية تميل الى التفاهم معها والاعتماد على عصاباتها ومرتزقتها لفرض هيمنة فارسية على العرب وعلى المسلمين ، وكانت لباراك أوباما ومن حواليه فلسفتهم الخاصة فيما يتعلق بالإسلام والمسلمين ونظرتهم التي تعتبر المذهب الشيعي بقيادة إيرانية أكثر قدرة على تغيير النظام العربي والإسلامي بشكل يتيح تنفيذ المخططات الأميركية لمستقبل البلاد الإسلامية وتحقيق ( الفوضى الخلاقة ) التي طالما سعى إليها ( النظام العالمي) منذ غزو العراق .. ومن المتوقع أن تكون هناك عناصر في النظام الإيراني ، بعضها عاش فترات طويلة في أميركا ، ترى أن بالإمكان استغلال (حاجة) النظام الأميركي الى أدوات لتحقيق أهدافه ، بمواصلة (الحلف) غير المكتوب المتفق عليه فيما بين إدارة أوباما والإدارة الجديدة .
وترددت بعض الأخبار عن أن جاريد كوشنر ، زوج أيفانا ابنة دونالد ترمب ، التقى خلال زيارته لبغداد مؤخراً بأكثر من وسيط ومندوب في مسعى للتقريب بين وجهات نظر الإدارة الأميركية والرغبة الإيرانية في مواصلة ( التفاهم ) السابق بين واشنطن وطهران . كما أن هناك سبلاً أخرى يتوقع أن يكون الإيرانيون حاولوا سلوكها ، ومنها البوابة العمانية ، وأطراف أوروبية متعاطفة معهم ، ولا يستبعد أن يكونوا حاولوا الاستعانة بحسين سجواني (داماك الإماراتية ) الذي رحب به ترمب في برج ترمب بنيويورك خلال حفل رأس السنة الأخير وأعلن بعدها أنه عرض عليه مشاريع عمل بألفى مليون دولار من قبل مصالح تجارية إماراتية وحيث أن لسجواني علاقات تجارية ومالية ، كما هو متوقع ، مع أطراف إيرانية ، وهو الحال في الاقتصاد المفتوح في دبي وباقي الإمارات ، فلن يكون مستبعداً أن يحاول الإيرانيون الاستفادة من علاقته بعائلة ترمب .
تباهي النظام الإيراني بأن سلطانه يمتد الى أربع عواصم عربية ، هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء ، ويسعى الى الحصول على مباركة الإدارة الأميركية الجديدة لبقاء سلطانه على هذه العواصم ومواصلة التوسع في مناطق أخرى مباشرة أو عن طريق المرتزقة ، مثلما هو حاصل في سيناء . بينما تعلن الإدارة الأميركية أنها لا تقر التمدد الإيراني ، ولا تبارك سعي طهران للتمدد على مساحات أوسع . لكن نظام ( الولي الفقيه ) واصل مسعاه التوددى بواشنطن بالتأكيد أنه حريص على استبعاد العناصر التي توصف بالمتشددة لصالح ما تعتبره الصحافة الأميركية معتدلين ، وأعلن النظام الإيراني بهذا الشأن أنه استبعد محمود أحمدي نجاد ، الرئيس السابق ، من ترتيبات الترشيح لانتخابات الرئاسة نظراً لأن الإعلام الأميركي يعتبره متشدداً .
وهناك اختلاف في الرؤية الى المصالح الأميركية في منطقة الشرق الأوسط فيما بين طهران وإدارة واشنطن الجديدة . حيث إن نظام إيران يعرض نفسه كوكيل للمصالح الأميركية في المنطقة بدون تواجد مباشر من واشنطن مقابل أن يقبل الأميركيون بهيمنة إيرانية كقوة إقيليمية وحيدة . إلا أن مثل هذا الترتيب ، إذا ما وافقت واشنطن على الاستمرار فيه ، يتجاهل القوى على الأرض أكان دول الخليج متفرقة ومجتمعة أو مصر التي ستعود إن آجلاً أو عاجلاً الى لعب دورها المحوري في المنطقة العربية . وسيكون من مصلحة القوى الخليجية إعادة التلاحم فيما بينهم ومصر حتى تتمكن من مواجهة فعالة للتقلبات القادمة .