Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

علماء وفقهاء يطالبون بضبط الفتوى بعد أن أصبحت كلأ مباحاً لكل راتع

No Image

أكدوا أنها شرف وأجر.. وجرم ووزر عظيم لمن يتولاها بغير علم

A A
طالب المفتي العام، وعدد من العلماء والفقهاء والباحثين، بضبط الفتوى ووضع حدٍ للفوضى المنتشرة في القول على الله بغير علم، وأكدوا أن الحديث في الحلال والحرام أصبح كلأ مباحًا لكل راتع، واستطال كثيرٌ على منازل العلماء، ومقامات العظماء والفقهاء، وعمدوا إلى أمور من الثوابت والمبادئ، وجعلوها عرضة للتغيير والتبديل، بدعوى تغير الفتوى بتغير الزمان، وكثر التحايل على الشريعة. وأشاروا إلى ضرورة أن يقوم بهذا العمل (الفتوى) المؤهلون دون المتعالمين، والأصلاء دون الدخلاء؛ حفظًا لدين الأمة، وتوحيدًا لكلمتها، وضبطًا لمسالكها ومناهجها؛ لتكون مبنية على الكتاب والسنة؛ بفهم سلف الأمة -رحمهم الله- وبذلك تسلم الأمة من غوائل المحن، وبواعث الفتن، وتوجد العواصم بإذن الله - من قواصم الجريمة الشنيعة، وهي: القول على الله بغير علم.

المفتي: للفتوى شرف وأجر.. ولها خطر ووزر لمن يتولاها بغير علم

بداية قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء: إن من أفضل ما يشتغل به المشتغلون وخير ما يعمل له العاملون نشر علم نافع تحتاج إليه الأمة، يهديها من الضلالة وينقذها من الغواية، ويخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، وقد حض الله تعالى المؤمنين على ذلك في كتابه الكريم فقال: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) ولنشر العلم وسائل كثيرة من أهمها: التصدي للإفتاء لعموم الحاجة إليه، ومازال الإفتاء قائما منذ فجرالإسلام، وحتى هذه الأيام، وذلك لحاجة المسلم إلى التبصر في الدين، ومعرفة ما يشكل عليه، أو الوقوف على حكم ما يقع من نوازل ويستجد من مستجدات في حياته اليومية.

وقال المفتي العام: الفتوى في الشرع بيان الحكم الشرعيفى مسألة من المسائل، بدليل من الكتاب والسنة، أو الاجتهاد فيما لا نص فيه. ومنصب الفتوى في الإسلام عظيم الخطر، كبير الموقع، كثير الفضل، وهي وظيفة إسلامية جليلة، ينوب فيها الشخص بالتبليغ عن رب العالمين، ويؤتمن على شرعه ودينه ويمكن أن نجمل الأمور التي تدل على أهمية منصب الفتوى أن المفتي قائم مقام النبي صلي الله عليه وسلم في الأمة : لقوله صلي الله عليه وسلم: إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا،وإنما ورثوا العلم). وقوله صلي الله عليه وسلم: ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب). وقوله:(بلغوا عني ولو آية). والمفتي نائب عن الرسول صلى الله عليه وسلم في تبليغ الأحكام. ولجلالة مقام الإفتاء عند الصحابة والتابعين: فكان عدد المفتين من الصحابة رضوان الله عليهم معدودًا، ولم يكن جميع الصحابة يفتون في أحكام الشريعة، وهذا مما يدل على جلالة هذا المنصب لديهم، وجعل ابن القيم المكثرين من الفتوى من الصحابة مائة ونيف وثلاثين نفسا ما بين رجل وامرأة، وكان المكثرون منهم سبعة: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبدالله بن مسعود، وعائشة أم المؤمنين، وزيد بن ثابت، وعبد االله بن عباس، وعبدالله بن عمر» وفي عهد التابعين كان كبارالعلماء هم الذين يفتون كسعيد بن المسيب;راوية عمر وحامل علمه، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وخارجة بن زيد، وأبي بكر بن عبدالرحمن بن حارث بن هشام، وسليمان بن يسار، وعبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود، وهؤلاء هم الفقهاء السبعة.

وقال آل الشيخ لقد حفلت كتب أهل العلم بالنقل عن السلف الصالح عن تعظيمهم لشأن الفتوى، وبيان موقفهم تجاه هذا المنصب العظيم، حيث كانوا يتهيبون الفتوى ويتريثون في أمرها، ويتوقفون في بعض الأحيان عن القول، ولا يتحرجون من قول: «لا أدري» إذا لم يعرفوا جواب المسألة. وكان الخلفاء الراشدون يجمعون علماء الصحابة وفضلاءهم عندما تعرض لهم مشكلات المسائل، يستشيرونهم، ويستنيرون برأيهم. وكان أحدهم إذا سئل عن المسألة يردها إلى غيره حتى ترجع إلى الأول، وما منهم من أحد يحدث بحديث، أو يسأل عن شيء، إلا ود أخاه كفاه!

وقال آل الشيخ: إن الفتوي فبقدرما لها من شرف وأجر إذا قام بها من تأهل لها، فكذلك يكون خطرها ووزرها لمن يتولاها بغير علم، ولهذا ورد الوعيد الشديد لمن يفتي في دين الله بغير علم. وعن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (من أفتي بفتيا من غير تثبت فإنما إثمه على من أفتاه) هذا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الدريويش: فتاوى آراء خلخلت الأمس وسوغت الإرهاب

أما الدكتور أحمد الدريويش رئيس الجامعة الإسلامية في إسلام آباد فقال إن المفتى هو خليفة رسول الله صلي الله عليه وسلم في أداء وظيفة البيان والإيضاح وموقع عن الله تعالي، ولاشك أن مما يخلخل الأمن الفكري لدي الشباب خاصة هو بعض الفتاوى أو الآراء التى تسوغ الإجرام والإرهاب أو تشجع عليه، ويعظم خطر هذه الفتاوي إذا كان المقصود بها زعزعة الأمن وزرع الفتن والقلاقل والتحريض على معصية ولاة الأمور والخروج عليهم عن طريق استغلال عواطف الشباب بتحميلهم أفكارًا غريبة تؤدي إلى تحمسهم بلا ضابط ولا رادع ولا رجوع للعلماء الربانيين المتخصصين في الفتوي والعلم والذين خبروا الأمور ودرسوا معالم الإصلاح وعلموا مقاصد الشريعة وغايتها، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم وعن أمنائهم وعلمائهم فإذا أخذوا عن صغارهم وشرارهم هلكوا.

قال قتيبة في تفسير ذلك: لا يزال الناس بخير ما كان علماؤهم المشايخ ولم يكن علماؤهم الأحداث، لأن الشيخ قد زالت عنه حِدّة الشباب ومتعته وعجلته واستصحب التجرية في أمور فلا تدخل عليه في علمه الشبه، ولا يستميله الهوى ولا يستزله الشيطان، والأحدث قد تدخل عليه هذه الأمور التى أمنت على الشيخ.

الخياط: ليس كل من تصدر للفتوى معدودًامن أهل العلم

في حين استشهد الدكتور سامي بن أحمد الخياط عضو هيئة التدريس بجامعة شقراء بقوله تعالى:(فاسألوا أهل الذكر إن كُنتُم لا تعلمون وقال تعالى: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون): قطعًا لا يستوون.. فالله جل وعلا أمرنا بسؤال أهل العلم والرجوع إليهم لفهم الدين.. وما يعرض على المسلم من عوارض يرغب في معرفة حكم الشرع الحنيف فيه.

والحقيقة انتشر المفتون والمتصدرون للفتوى في عصرنا الراهن عصر التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية، وليس كل من تصدر للفتوى من المعاصرين معدودًا من أهل العلم الذين أمرنا الله بالرجوع إليهم، فيوجد بعض المتعالمين وأنصافهم، كما يوجد المستأجرون والمغرضون لنشر فتاوى ضالة، غير صحيحة، ولهذا يجب على المسلم أن يتحرى العالم بالشريعة ليسأله عن دينه، والعلماء بالشريعة معروفون ومشهودٌ لهم من قبل الجميع بالعلم والتقوى والورع، وسماتهم وصفاتهم لا تخفى أفنوا أعمارهم في تدريس علوم الشريعة ونشر السنة بين الناس، وإن لم يعرفهم فليسأل عنهم ويتعرف عليهم، ثم إن على العموم أن يراجعوا مفتي البلد وأعوانه من كبار العلماء، ومن أسندت لهم الفتوى من سماحة المفتي العام.. فهؤلاء موثوق فيهم، ومشهودٌ لهم بالعلم والتقوى. وعلى الجميع الحذر ممن يظهرون في القنوات ووسائل التواصل الاجتماعي من المجاهيل والأغمار غير المعروفين بأن يشككوهم في دينهم وفِي أحكام الشريعة المقررة المعروفة، والله الموفق.

الميمان: هناك من يسعى للفتوى حبا في الشهرة والظهور

ومن جهته قال الدكتور ناصر عبدالله الميمان الأستاذ المشارك بجامعة ام القرى لاشك أن الفتوى مهمة جليلة، لها آثار خطيرة على الفرد والمجتمع، في دنياهم وأخراهم، وهي مسؤولية جسيمة لا يتجرأ على التسارع إليها إلا من لم يعرف حجمها، ولم يقدرها حق قدرها، أما الذين يعرفونها حق المعرفة فلا يسارعون إليها; لأنهم يدركون أنها تكليف قبل أن تكون تشريفًا، ولذا وجدنا العلماء الربانيين من هذه الأمة من لدن الصحابة إلى يومنا هذا يبتعدون عنها، وينأون بأنفسهم عن تحملها قدرالمستطاع. أما الأغمار الذين لم يدركوا أهمية الفتيا، فتراهم يتنافسون إليها ويتقاتلون عليها حبًا في الشهرة، ورغبة في الظهور والتباهي عند الناس فتراهم يتسارعون إلى تبوؤ هذا المنصب الجليل قبل أن يستحقوه،

وقال الميمان لاشك أن هذا الوضع قد أقلق المهتمين بشأن الأمة، والغيورين على الدين فارتفعت الأصوات هنا وهناك تنادي بوقف هذه الفوضى الموجودة في ساحة الإفتاء وبضبط الفتوى ووضع قيود صارمة حتى لا يتجرأ كل من تسول له نفسه أن يتصدى لهذا الأمر العظيم ولقد أدرك القائمون على مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي خطورة الموقف، فعمدوا إلى عقد مؤتمر يعالج مشكلة تسيب الفتوى قبل أن يستفحل خطرها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store