أرسل الله عز في علاه نبيه وصفيه وخيرته من خلقه المصطفى صلى الله عليه وسلم وجمع الناس على دين الحق والسلام والأمان والاستقرار والنهضة والتقدم ،الإسلام .
وبعد قرون الخيرية الأربعة التي أخبرعنها نبي الأمة سادت قلاقل ومحن وفتن فرقت الأمة.
وفي زمننا الحديث منذ جمع الملك عبدالعزيز رحمه الله ما قدر له الرحمن من أراضٍ وبشر تحت حكم الدولة السعودية واستتب الأمن والامان وأصبح هناك نظام حكم يتوافق مع تلك المرحلة التي أسُس فيها ويتطور جيلاً بعد جيل بما يتوافق مع بناء دولة حديثة متطورة ،وتعاقب أبناؤه على الحكم من بعده ولكل منهم إنجازاته في سبيل استمرار الاستقرار والتطور بما يتوافق مع التقدم العلمي والتقني وعمارة الارض كما أمرنا المولى عز وجل .
ولإدراك الملك عبدالله رحمه الله أهمية هذه البلاد للمسلمين وغير المسلمين ومن أجل أن الإسلام جاء لجمع كلمة الناس على كلمة التوحيد لمن آمن منهم والتعايش مع الأديان الأخرى ،نادى بحوار الأديان من أجل تحقيق السلام العالمي وذلك لأننا لن نستطيع العيش بمعزل عن الآخرين ،حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم جمعت دولته في صدر الإسلام اليهود تحت رايتها ولولا أنهم غدروا وخانوا وعاثوا في الأرض فساداً لما أجلاهم .
والذي يهمنا ويهم الكثير ونحن في المملكة العربية السعودية ندين بدين الإسلام عن بكرة أبينا وتحت ظل حكم واحد يجب أن نكون بعد هذه السنين العديدة المديدة قد تجاوزنا مرحلة التعايش لأن في الإسلام أطيافاً ومذاهب ومشارب تقع في حضن أهل السنة والجماعة ولكن هناك اختلافات فقهية لا تخرج من الدين ومستساغ فيها الخلاف الفقهي ،لأنها ليست من أصول العقيدة وإن كان هناك متشددون اعتبروها من الأصول وليست من الفروع ،وهنا يكمن البلاء لأن من شأن ذلك تفريق الأمة وخلق تنازع واختلاف يؤدي الى خلاف في وطن آمن .
ولذلك أقول طالما الاختلاف فقهي فكان يجب علينا تجاوز مرحلة التعايش الى مرحلة التكاتف والتآلف وان كنا مختلفين فقهياً ،فمثلاً لو أن اثنين عزما على شد الرحال الى المدينة المنورة وأحدهما بنية زيارة الحبيب صلى الله عليه وسلم والصلاة في مسجده ،والآخر قدم نية الصلاة عن الزيارة للحبيب صلى الله عليه وسلم ،فما المانع من المرافقة وكلٌ بنيته ،وكذا في بقية الأمور الخلافية الفقهية ،فلماذا جلبنا العداء وخلقناه لأنفسنا بأنفسنا ،وكذلك هناك من أقر كشف الوجه للمرأة وهناك من حرم وقد يكونان في بيت واحد فما المانع من الخروج سوياً وكل بما يتوافق بما ثبت عنده . ولا يسفه أحد أحداً.
والأمور الخلافية كثيرة ولكن ليس لاحد أن يجبر الآخر على رأيه أو إيمانياته التي يراها في مسائل الخلاف المعتبرة .
وبهذا نصل مرحلة التكاتف ليبقى وطننا آمناً ،وحتى نحافظ على منظومة أمننا ينبغي أن ننبذ الخلاف والتناحر والتفسيق والتبديع والوصول الى درجة التكفير واستحلال الدماء بذريعة انكار المنكر الذي يطبل عليه كثير من المتشددين حتى أنه لو بأيديهم لأنكروا كثيراً من أمور الأفضلية كفضيلة البقيع ،وكثيراً من المآثر والآثار التي وردت فيها أحاديث بأن لها أفضلية إما بالدعاء فيها أو العبادة» الصلاة» كالمساجد السبعة . فلهم أن لا يصلوا فيها وأن يوصوا بأن لا يدفنوا في البقيع ، فهذا حق مشروع لهم.
وما اتكالي إلا على الله ولا أطلب اجراً من أحد سواه.