من أسعدته الفرصةُ بالوجود في منطقةِ الباحة هذه الأيام، سيستمتعُ بمسلسلِ الإبداع الإلهي، والأجواءِ الحالمةِ التي تعيشُها الباحة حاليًّا، أمطارٌ غزيرةٌ، وهواءٌ عليلٌ، ونسماتٌ ليليَّةٌ ساحرةٌ، أجواءٌ خلاَّبةٌ يعجزُ القلمُ عن وصفِهَا، وتحتارُ العينُ وهي تراقبُهَا، ولا يملكُ المرءُ أمامَها إلاَّ أنْ يرفعَ يديه للسماءِ شاكرًا للهِ على أنعمه الجليلة.
لوحةٌ مناخيَّةٌ جماليَّةٌ جعلت قلمي يتَّجه إلى الحديث عنها مرغمًا، ومتناسيًا كلَّ الأحداث الرياضيَّة التي نعيشها في ختام موسم رياضي متخم بالأحداث، أجواء أجبرت المدادَ أن يتنازلَ عن مساره؛ ليعانقَ الغيمَ، ويملأ مدادَه بماءِ المطر؛ ليجعلَ منه حبرَ الكلماتِ.
ووسط هذا الجمال المتناهي، وصل صاحبُ السموِّ الملكيِّ الأمير حسام بن سعود إلى منطقة الباحة، بعد أن عُيِّنَ أميرًا لها.. وصلَ الأميرُ الجديدُ، واستقبله النَّاسُ والغيمُ معًا، ورحَّب به الأهالي وصوتُ المطرِ سويًّا، فكأنَّما النَّاس وأجواء الباحة شكَّلوا لوحةَ فرحٍ، وغدا استقبالهم أنشودةَ أملٍ، وعناقًا حميمًا للصبرِ والحلمِ بأن يكونَ مستقبلُ الباحة يضاهي جمالَها وأناقتَها ونظارتَها.. وأعتقدُ أنَّ منطقة الباحة محظوظة باختيارِ عقليَّةٍ تجاريَّةٍ وعمليَّةٍ فذَّةٍ كحسام بن سعود، فهنيئًا للباحةِ أميرَها الجديد الذي يحتاجُ الصادقينَ والمخلصينَ حتَّى ينجحَ في مهمَّته المقبلة.
وللعلم فإنَّ منطقة الباحة تُعدُّ من المناطق التي حظيت بامتيازاتٍ كثيرةٍ جدًّا، فهي موقعٌ إستراتيجيٌّ، وأرضٌ زراعيَّةٌ خصبةٌ، وأجواءٌ خلاَّبةٌ، وتضاريسُ رائعةٌ، وتنوُّعٌ بيئيٌّ، ولأهلها عقليَّاتٌ تجاريَّةٌ مميِّزةٌ إذا هُيِّئت لهم الظروف المناسبة، فستخرج منها مشروعاتٌ وأفكارٌ تقارعُ أقوى وأعظم الأفكارِ التجاريَّةِ، ليس على الصعيد المحليِّ وحسِب، بل وعلى الصعيد العالميِّ.
كما أنَّ الباحة مهيَّأة بشكلٍ كبيرٍ للاستثمار الرياضيِّ، فهي المكانُ المثاليُّ لإقامة الدورات الرياضيَّة التنشيطيَّة، فالباحةُ تملكُ كلَّ شيءٍ، أجواء بديعة، وهدوء رائع، وخدمات متكاملة، ومدينة رياضيَّة رائعة، كما يمكن إنشاء مقرَّات لمعسكرات تدريبيَّة تتضمَّن كلَّ ما تحتاجه المعسكرات الرياضيَّة، بحيث تضاهي المعسكرات التي تُقام في دول أخرى، كتركيا مثلاً، بيد أنَّها ستجد إقبالاً منقطعَ النَّظيرِ؛ لأنَّ وجود هذه المعسكرات في الباحة لن يختصرَ نجاحها على جودة المعسكر، بل سيتعدَّى ذلك إلى روعة المناخ، وجمال الطبيعة، والهدوء والسكينة، التي تمتاز بها، وجانب آخر لا يوجد في المعسكرات الخارجيَّة، وهو عدم وجود ما قد يشغل اللاعبين عن تمارينهم، فهم داخل مجتمع له عاداته وتقاليده المحافظة، التي ستجعل اللاعب لا يفكِّر في شيءٍ سوى التَّمارين، وهذا سيريح نفسيَّات اللاعبين؛ لأنَّها بعيدةٌ -كلَّ البُعدِ- عن أيِّ ملهياتٍ، أو مغرياتٍ قد تجعل جسده داخل المعسكر، بينما عقله خارجه، كما أنَّ قلَّة الأكسجين في الباحة؛ لارتفاعها عن سطح البحر، هو ما يحتاجه مدربو اللياقة؛ لزيادة الحمل، وبالتَّالي تحقيق فائدة لياقيَّة أكبر للاعبين.
هذه المعسكرات إذا تم تهيئتها، وتسويقها بشكلٍ جيِّدٍ فستجد إقبالاً كبيرًا، ليس فقط من أنديتنا المحليَّة، بل أجزم أنَّ أنديةً خليجيَّةً وعربيَّةً وعالميَّةً ستسعى لاستغلالها؛ كونها ستحقِّقُ كلَّ الميز التي تحتاجها، وستجعل الباحةَ عنوانًا للدَّورات والمعسكرات الناجحة كما هي عنوان للجمال.