Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

اتساع صدر العربية للاشتقاقات العرفجية

الحبر الأصفر

A A
العَرَبُ فِي السَّابقِ كَانُوا يُحبُّونَ الاختصَارَ والاختزَالَ، ويُؤكِّدُونَ عَلى مَقولة: «مَا كَثُرَ ودَلَّ، خَيرٌ مِمَّا كَثُرَ وأَضَلَّ». أَمَّا العَربُ المُعَاصرُونَ، فهُم يُحبُّونَ الإطَالَةَ والانسيَاحَ فِي الكَلَام، والتَّمدُّدَ فِي المُفردَاتِ، ولَولا مَقرعةُ «تويتر»، التي تُقرعُهم وتَحدُّهم بـ140 حَرَفًا، لزَادت الثَّرثَرَةُ..!

وحَتَّى نُدلِّلَ عَلى حُبِّ العَرَبِ القُدمَاءِ للاختصَارِ، إليكُم هَذه الصَّفحَة مِن كُتبِ فِقهِ اللُّغةِ، وأَسرَارِ العَربيَّةِ، حَيثُ تَقولُ العَرَبُ: (البَسْمَلَةُ حِكَايَةُ قَوْلِ: بِسْمِ الله، والسَّبْحَلَةُ حِكَايَةُ قَوْلِ: سُبْحَانَ الله، والهَيْلَلةُ حِكَايَةُ قَوْلِ: لا إلَه إلاَّ الله، والحَوْقَلَةُ حِكَايَةُ قولِ: لاَ حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِالله، والحَمْدَلَةُ حِكَايَةُ قَوْلِ: الحَمْدُ لله، والحَيْعَلَةُ حِكَايَةُ قَوْلِ المُؤذِّنِ: حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاحِ، والطَّلْبَقَةُ حِكَايَةُ قَوْلِ: أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ، والدَّمْعَزَةُ حِكَايَةُ قَوْلِ: أدَامَ الله عِزَّكَ، والجَعْلَفَة حِكَايَةُ قَوْلِ: جُعِلْتُ فِدَاءَكَ)..!

هَذا مَا قَالتهُ العَرَبُ، أَمَّا أَنَا بوَصفِي جَاحِظًا صَغيرًا، أَضفتُ إضَافَاتٍ صَغيرةً -عَلى قَدِّي- استَحسنهَا أَهلُ العِلْم والفُضلَاءُ والأُدبَاءُ، ومِن ذَلك: «الكَفْحَلَة»، وهي قَول الرَّجُل: كَيفَ حَالُكَ، وكَيفَ أمُورُكَ، وكَيفَ أَنتَ. ومِن الإضَافَات أَيضًا: «المَرْمَطَة»، وهِي: إرهَاق النَّاس أَثنَاء مُراجعة بَعض الدَّوائِر الحكُوميَّة، فيُقال: مَرْمَطَت الإدَارةُ الفُلانيَّةُ المُواطِنَ الغَلبَانَ. ومِن الإضَافَاتِ العَرفجيَّةِ أَيضًا: «السَّلْتَحَة»، وهي أَنْ تَذهَب إلَى «وَليمَةٍ»، لَم تَكُنْ مِن المَدعوّينَ إليهَا، فيُقال: تَسَلْتَح الرَّجُلُ عَلى القَومِ، أَيّ جَاءَ مِن غَيرِ دَعوَةٍ أَو مِيعَادٍ. ومِن الإضَافَاتِ العَرفجيَّةِ المُحدَّثةِ أَيضًا: «الرَّتْوَتَة»، وهي أَنْ تُعيدَ كَلَامَ غَيركَ، سَواء اتَّفقتَ مَعهُ، أَمْ كُنتَ مِن المُعَارضِينَ، فيُقال: رَتْوَتَ «بتَّال القوس» لليَتيم «العرفج»، أَيّ أَعَادَ كَلَامه حَرفيًّا، دُونَ زِيَادَةٍ أَو نُقصَانٍ..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي أَكثَرُ مِن الكَثيرِ، لَكَن هَذِه المِسَاحَة لَا تَتَّسعُ اليَومَ للمَزيدِ، ورُبَّما تَكونُ الفُرصَةُ سَانِحَةً فِي مَقالٍ آخَرَ، لنُضيفَ آخِرَ الفَذلَكَاتِ والاشتِقَاقَاتِ، التي يَتَّسعُ لَها صَدْرُ لُغتنَا الرَّحِبُ..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store