خلال شهور قليلة ستطلق شركة التقنية العملاقة (فيسبوك) مشروعها الكبير الهادف إلى توفير خدمة الانترنت لمعظم أرجاء الكرة الأرضية المأهولة، خاصة تلك المحرومة منها مثل الأجزاء البدائية في أفريقيا. وبالرغم من أن عمر المشروع منذ انطلاقته لم يتجاوز 3 سنوات إلاّ أنه حتماً سيسبق مشروع مطار جدة الجديد (عمره 10 سنوات ولا يزال في طور التصريحات والتمديدات والوعود)، كما سيسبق حتماً مشروع قطار الحرمين (الذي يوشك أن يكمل عامه الخامس عشر منذ إقراره في عام 1423هـ).
أما العمود الفقري لمشروع فيسبوك، فهي طائرات غريبة الشكل خفيفة الوزن طاقتها منها وفيها، فهي ستولد الطاقة الكافية كي تؤدي وظائفها ومهامها على ارتفاع 60 ألف قدم (أي ضعف ارتفاعات الطائرات المدنية التجارية)، ولتبث إشارات الإنترنت كما يبث جهاز (واي فاي) الخدمة للبيت الصغير، وستتواصل مئات الطائرات عبر أشعة الليزر كي تدعم بعضها بعضاً في إرسال إشارات قوية ثابتة إلى المناطق المستهدفة.
وميزة أخرى لهذه الطائرات هي قدرتها على التحليق المتواصل لعدة سنوات قبل أن تضطر للعودة لتجديد خلاياها الشمسية غالباً وإجراء الصيانة اللازمة عليها. طبعاً لا أحد يتوقع أن هذا المشروع المكلف خيري بحت، بل هو تجاري كذلك، فكلما اتسع نطاق المستخدمين لتطبيق فيسبوك، كلما ارتفعت عوائد الإعلانات، والتي تجاوزت هذا العام فقط 30 مليار دولار.
هكذا تُطوع التقنية لخدمة أرباب التقنية، ولنشر ثقافة أصحاب التقنية في سائر أرجاء الأرض. هكذا يتم تأهيل التفوق التقني وترسيخ الصورة الذهنية لمواهب المتفوق وسيادته وعلو كعبه مقارنة بالشعوب النامية (أو النائمة) التي تغط في نوم عميق، ولا تملك حتى القدرة على صنع إبرة فضلاً عن محرك بسيط (دينمو) يضخ ماء أو يحرّك آلة.
بيد أن هناك فرصاً تاريخية أخرى يمكن لمؤسسات إسلامية وعربية راشدة استغلالها لبث أفكارها المعتدلة ورسائلها السمحة وتعاليمها البينة خاصة لأولئك (المعزولين) عن العالم إلاّ من دعاة الشر الصفويين المنحرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
لقد تعودنا دائماً أن نغيب طويلاً، وألاّ نحضر (إن حضرنا) إلاّ متأخرين جداً، فهل نكسر هذه العادة البغيضة، ونمارس عادة جديدة؟!.