من الملاحظ أن المنتمين لحركة الإخوان المسلمين ، والمتعاطفين معهم ، يصرون على معاداة مصر ، لا النظام القائم فيها فحسب ، ويرفضون مجرد التفكير في إعادة نظر بمواقفهم من مصر، نظاماً وشعباً . لذا نجد الاقتصاد المصري يتعرض لهزات يتسبب فيها أحياناً أصحاب مصالح مالية إخوانجية أو متعاطفة معها . وبالإضافة فإن أدوات النظام العالمي التي تبنت (الربيع العربي) وصعود الإخوان المسلمين لحكم مصر تعمل جاهدة للتقليل من أي إنجاز مصري منذ أن تم إسقاط النظام الإخواني ورئيسه محمد مرسي . ويلاحظ ذلك في مقالات تحليل تظهر في وسائل إعلام أميركية وبريطانية تهاجم النظام في مصر وتقلل من قيمة أي إنجاز يقوم به . وفي نفس الوقت لا بد من الإشارة الى أن بلداً يعيش أزمة سياسية وأمنية وإقتصادية يتطلب الاستعانة بكل القدرات المصرية الجيدة لخدمة هدف الاستقرار والنمو .
ومن الواضح أيضاً أن جزءًا لا يستهان به من الإعلام المصري لا يخدم أهداف الدولة ولا يعكس وجه مصر الحقيقي والذي يتمثل بقامات وطنية ثقافية وسياسية وإدارية وإعلامية لا نشاهد سوى القليل جداً منها ويقبع الكثيرون منهم في الظل .
واختارت مصر أخيراً تجرع سم المؤسسات المالية الدولية ، إذ لم تتمكن من التغلب على أزمتها الاقتصادية الخانقة منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك عام 2011 . أكان بسبب ظروف داخلية أو نتيجة الأزمات الاقتصادية التي يمر بها العالم وخاصة منطقة الشرق الأوسط . فمصر اعتمدت بشكل كبير على عائدات استخدام التجارة العالمية لقناة السويس ، والتحويلات بالعملة الصعبة التي يرسلها العاملون المصريون من دول البترول العربية بالإضافة الى العائدات من السياحة ، وتأثرت كل هذه المداخيل بشكل سلبي من عوامل لا يد للنظام القائم في مصر بها .. وليس من المضمون نجاح العلاج الاقتصادي الذي تفرضه المؤسسات الدولية ، ولكن الخيارات أمام القاهرة في هذا المجال محدودة .
صندوق النقد الدولي اعتمد قرضاً لمصر بمبلغ اثني عشر مليار دولار يسدد على عدد من الدفعات خلال فترة إصلاح اقتصادي لمدة ثلاث سنوات . ويتضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي تحرير صرف الجنيه المصري وفرض ضريبة القيمة المضافة وزيادة التعرفة الجمركية على عدد من المنتجات المستوردة وخفض الدعم للكهرباء والمنتجات البترولية وتطبيق أنظمة وقوانين جديدة ومنها ما يتعلق بضريبة الدخل وإقرار قانون جديد للاستثمار وتوفير مناخ جاذب للمستثمرين . ولفت نظري أنه خلال الأسبوع الماضي بدأت بعثة من صندوق النقد الدولي زيارة لمصر لدراسة مدى التزام الحكومة بالبرنامج الإصلاحي المتفق عليه . وعسى أن تكون البعثة الدولية قد استفادت من التجارب المؤسفة التي نتجت ، في السابق ، عن توصياتها لأكثر من دولة طبقت إصلاحات اقتصادية طلبها الصندوق كشرط لمساعدتها على تجاوز أوضاعها.
ويجب الاعتراف بأن النظام المصري يسير بنجاح في تحسين الوضع الاقتصادي المصري ، وأن السياسات الاقتصادية والتي هى في الواقع مزيج من أفكار اقتصادية مصرية وخبراء صندوق النقد الدولي ، والتي تم التوصل إليها بعد محادثات مضنية بين الجانبين ، ستساعد الى حد كبير لإعادة العافية الى الاقتصاد المصري . وعسى أن يتوفر الاستقرار المناسب لتطوير هذه الحلول الإقتصادية الى نجاح إقتصادي كبير تستحقه مصر.