نقل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب معركته مع الصحافة إلى مستوى جديد غير مسبوق وذلك بتصريحه عبر صفحته على تويتر بأنه يفكر في إلغاء جميع إيجازات البيت الأبيض الصحفية والاستعاضة عنها بردود مطبوعة، مبرراً ذلك بكثرة انشغاله والتعاقب المستمر للأحداث بشكل يجعل من غير الممكن تقديم إيجازات رئاسية مثالية خالية من الأخطاء.
هذه التغريدة صاحبها عدد كبير من التعليقات بين مؤيد ومعارض، كان من أبرزها تعليق لـ Antony Noto أحد مدراء تويتر التنفيذيين قال فيها: «أقترح أن تكون الأسئلة والإجابات عبر تويتر فهو سجل مثالي يمكن نشره للعالم أجمع وليس فقط لمن يملك جهاز تلفزيون».
لكن السيد Noto عاد لاحقاً وغرد قائلاً بأنه لا يؤيد إلغاء الإيجاز الصحفي للبيت الأبيض وبأن تويتر هو إضافة وليس بديلاً لنبض الصحافة الحرة.
وبالعودة إلى الوراء نجد أن الرئيس الأمريكي كان عازماً على تطبيق هذه الفكرة منذ عدة شهور، حيث ذكر السكرتير الصحفي المعين للبيت الأبيض في لقاء إذاعي له في ديسمبر 2016م بأن الرئيس المنتخب ترمب قد لا يعقد بانتظام مؤتمرات صحفية وأنه سيقوم بدلاً من ذلك بالاستعاضة عنها بالدردشة المباشرة على تويتر وفيس بوك.
واقع الأمر أن عقد المؤتمرات الصحفية الرسمية عبر تويتر ليس بالأمر الجديد، وقد سبق لي الحديث عن ذلك خلال كلمة لي في المؤتمر العالمي الثاني للإعلام الإسلامي بجاكرتا في ديسمبر 2011م أكدت فيها على فوائد شبكات التواصل الاجتماعي في إيصال الرسائل الإعلامية وأشرت كمثال إلى توظيف إسرائيل المبكر لهذه التقنيات وعقدها في يناير 2009 لأول مؤتمر صحفي كامل يتم عقده عبر تويتر من قنصليتها في نيويورك، قال عنه «ديفيد سارانجا» مدير العلاقات الإعلامية في القنصلية: «طالما أن مفهوم الحرب قد تغير، فإن مفهوم الدبلوماسية العامة يجب أن يتغير أيضاً، علينا إيصال صوتنا لجميع أنحاء العالم باللغة التي يفهمونها، أنا لن أتردد أو أخجل من استخدام الاختصارات والإيموجي على تويتر طالما أنها توصل الفكرة وتحقق الهدف».
عودة لسؤال، هل سيحل تويتر محل المؤتمرات الصحفية؟ لا أحد يعرف يقيناً ما الذي يحمله المستقبل، والمهم بالنسبة لنا بهذا الشأن وسواه ليس الانحياز والتعصب لرأي دون آخر، ولكن المطلوب هو التفكير بإبداع بشكل متحرر من التقليدية ومن قيود «هذا ما اعتدنا عليه»، نحتاج أن نكون أكثر جراءة وأقل مقاومة للتغيير بعد دراسة بدائله ومعرفة إيجابياته وسلبياته.
نحتاج بالتأكيد أن نكون أكثر تسامحاً مع الأخطاء البسيطة التي تصاحب عادة التغيير وذلك بهدف إزالة حاجز الرهبة والخوف، ومسايرة للطموحات الكبيرة لقيادتنا الرشيدة التي تشهدها بلادنا اليوم.