مرة أخرى لا ينفك التلاعب بالأرقام وسيلة لدغدغة المشاعر والضرب على وتر (أبشروا فالفرص قادمة). وهذا خبر نشرته الحياة (18 إبريل) ببنط عريض يقول: («بلدي» توفر 60 ألف وظيفة في القطاع الخاص بحلول 2020).
وعند استعراض تفاصيل الخبر تُفاجأ بعكس المتوقع، فلب الخبر يؤكد أن مضمون المشروع هو (تحسين وتطوير جودة الخدمات البلدية المقدمة في جميع أنحاء المملكة، وذلك عبر التركيز على أتمتة خدماتها..). باختصار الأتمتة تعني تفعيل دور الآلة وتقليص دور صانع الآلة، وذلك هو المطلوب فعلاً حتى لا يقوم الإنسان بدور الآلة الممل، وهي التي لا تمل، بل وتؤدي وظائفها على الوجه الأكمل، في حين يمل الإنسان ويقصّر ويردد كلمة (راجعنا باكر) أو (ليلك طويل أيها المواطن الحبيب).
نعم المطلوب إحلال العقول الإلكترونية محل العقول البشرية كلما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، وذلكم هو الاتجاه العالمي شئنا أم أبينا. ولكن يجب الاعتراف بأن ذلك سيقلص من فرص توفير وظائف تقليدية لم يعد لها حاجة بوضعها الحالي. خذوا مثلاً الحجز الآلي لرحلات الطيران! فقد أغنى عن ألوف الموظفين، وبكفاءة مضاعفة وجودة متقنة تكاد تخلو تماماً من الأخطاء والعيوب، بل وتقدم الخدمة لأي كان في دار عامرة أو صحراء مقفرة.
المطلوب من الوزارة الموقرة أن تخبرنا أو تخبر المتشوقين إلى العمل عن الفرص الجديدة المتوقعة غير التقليدية، والتي ستحل (الأتمتة) محلها! كيف يمكن للشباب السعودي استثمار قدراتهم في إنشاء مشروعات جديدة تخدم الجمهور وتطور الخدمات في الميدان!
كيف يمكن للشاب الطموح أن يتحول إلى (رجل أعمال) ناجح أو نصف ناجح بالمشاركة مع زملاء له، وبتمويل من الدولة عبر صناديقها المختلفة؟! أسئلة كثيرة، لكن لا أظن الإجابة عليها مستحيلة، حتى لو كانت إجابات جزئية تنير الطريق ولو بشمعة صغيرة.
رجاء لا ترسلوا الأرقام هكذا مفلوتة بدون عقال ولا حبل، بل أرفقوا معها ما يفسّرها ويشرحها ويطمئن القارئ على صدقيتها! لقد سئمنا هذه اللعبة التي تتكرر باستمرار.