اليَوميَّات، أَصبَحت مَعلَماً مِن مَعَالِم هَذه الزَّاوية، ولَا نَستَطيع أَنْ نَتأخَّر عَن نَشرهَا، لأنَّنا لَو تَأخَّرنا، فلَن يَسكت المُحبُّون الذين يَتطلَّعون إلَى اليَوميَّات وأَفكَارهَا، لِمَا تَتميَّز بِهِ مِن عِبَارةٍ مُختَصرة، صَغيرة فِي المَبنَى، كَبيرَة فِي المَعنَى.. لذَلك إليكُم آخَر اليَوميَّات، وهي عَن الحُبِّ وشجُونه:
الأحد: يَعتَقد البَعض أَنَّ الحُبَّ طَاقة رَوحَانيَّة خَالِصَة، لَا عَلَاقة لَهَا بالحَوَاس، وهَذا يَتنَاقض مَع كَلام السيَّدة مَدَام «لافيت»، التي تَزعم أَنَّ أَرض الحُبِّ؛ تَقع عَلى أَربَعة شَوارع، حَيثُ صَرَّحت قَائِلَة: (إنَّ فِي الحُبِّ شَيئاً مِن كُلِّ شَيء، ففِيه شَيءٌ مِن الرّوح، وشَيءٌ مِن العَقْل، وشَيءٌ مِن القَلْب، وشَيءٌ مِن الجِنس)..!
الاثنين: الحُبُّ عَاطِفَة أَنَانيَّة.. هَذا فِي أَغلَب الأقوَال والأفعَال، فالإنسَان إذَا أَحبّ شَخصاً، هو لَا يُحبّه لذَاتهِ، بَل يُحبّه للصِّفَات التي تَتوَافَق مَعه، ولَا يَنجُو مِن الحُبِّ الأَنَاني؛ إلَّا حُبّ الوَالديْن لوَلدهما، لأنَّ الحُبّ مِن هَذا النَّوع، صَادِق وغَير مَشروط، وبَريء مِن نَزعَات التَّملُّك، وقَد أَوضَح هَذا المَعنَى خَلقٌ كَثير، مِنهم الأَديب «خالد محمد خالد»، حَيثُ يَقول: (الحُبّ هو صِفة المُحبّ، لَا صِفة المَحبوب، وصِلته بالمُحبّ أَقوَى مِنهَا بالمَحبُوب، فنَحنُ نُحبّ غَيرنَا، لأنَّنا نُحبّ أَنفسنا، ومَن أَحبّ نَفسه أَحبّ رِفَاقه، لأنَّ الذي يُعطي هو الذي يَملك)..!
الثلاثاء: الرَّجُل والمَرأة لَا يَعيشَان عَلى دَرجَةٍ سَوَاء، حِين يَدخُلان عَالَم الحُبّ، وقَد اختَصرت الحِكَاية السيّدة مَدام «دوستايل» فقَالت: (الحُبّ حَادث فِي حيَاة الرَّجُل، لَكنَّه تَاريخ المَرأة برَمّته)..!
الأربعاء: العَلَاقة بَين الجَمال، عَلَاقة تَكامُل وتَبادُل مَنَافع، وقَد اختَصر المَسأَلَة الفَيلسوف «بلزاك» حِين قَال: (إذَا كَان الجَمَال هو الذي يُثير الحُبّ، فإنَّ الحَنَان هو الذي يَصونه)..!
الخميس: النَّاس تَصوغ أَمثَالها وحكمهَا مِن بِيئتها، ونَظراً لأنَّ الفِلفل هو السِّلعَة الشَّعبية الرَّائِجَة فِي الهِند، فقَد تَعَامل الهنُود مَع الحُبّ عَلى أنَّه مُجرَّد فِلفل، حَيثُ قَالوا فِي أَمثَالهم: (الحُبّ فِي الزَّوَاج كالفِلفل فِي الطَّعَام، قَليلهُ لَذيذ وكَثيرهُ مُهلِك)..!
الجمعة: البَّوَابَة التي يَدخل مِنهَا الحُبّ، تَختَلف بَين الرَّجُل والمَرأة، وعَلى هَذا الأسَاس تَختلف أَيضاً نقَاط التَّفتيش بَين العَين والأُذن، لذَلك تَقول الفَنَّانة «مارلين مونرو»: (الرَّجُل يُحبّ عَن طَريق عَينيه، والمَرأة عَن طَريق أُذنيهَا)..!
السبت: حِينَ كُنتُ صَغيراً، كُنتُ أُحبّ بِنت الجِيرَان، وأَعلَم أَنَّها تُحبّ الطِّفل النَّظيف، لذَلك كُنتُ أُحَاول فِي تِلك الأيَّام، أَنْ أَبدُو نَظيفاً طُوَال الوَقت مِن أَجلِهَا، ومِن أَجْل الحُبّ، ومَع الوَقت، أَطْلَقتُ عِبَارة: «الحُبّ شَركة نَظَافة»، لأنَّها تُنظِّف الإنسَان دَاخليًّا، فتُطهّره مِن الحِقد والحَسَد، وتُشغله بالمَحبُوب، وتُنظّفه خَارجيًّا، حَيثُ يَحرص المُحبّ عَلى المَلَابس النَّظيفَة، والعِطر الجيَّد، والتَّسريحَة الجَذَّابَة، وقَد وَجدتُ كَلامي هَذا فِيمَا بَعد، لأَحد سُكّان البَصرة، حَيثُ قِيل لَه: «إنَّ ابنَك قَد عَشق، فقَال: أَي بَأس بِهِ؟، إنَّه إذَا عَشق نَظُف وظَرُف ولَطُف»..!!