كان كتاب (بعض.. من ثقافة الفتى «مهران») الذي صدر عام 1998 هو آخر عمل أذكره لزميل الدراسة الدكتور «أنور عبدالمجيد الجبرتي»، باستثناء بعض مقالات عابرة في مناسبات مختلفة هنا وهناك، ومنها بعض مقالات جميلة في جريدة الجزيرة لفترةٍ قصيرة، اختفى بعدها «الجبرتي» وقلمه الجميل.. أَخَذَتْهُ أعباء المهمَّات التي كُلِّف بها،
وفقدنا أديبًا كان يمكن أن يُثري الساحة الأدبيَّة بأعمال دسمة.
** **
الدكتور «الجبرتي»، أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك سعود، أخذته نزعته الأدبيَّة ورمته نحو الأدب، قبل أن ترمي به حنكته الإداريَّة في مهام أبعدته عن عمله الأكاديمي والأدبي؛ ليعمل سنوات كمشرف عام على مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، ثمَّ نقله وتعيينه مستشارًا بالديوان الملكي، ومشرفًا على العيادة الملكيَّة بمرتبة وزير
عام 2005.
** **
وإذا كان للدكتور «الجبرتي» مقالات تقطر أدبًا جميلاً، فلا أنسى مقاله في رثاء شيخنا الجليل «عبدالعزيز بن باز» -رحمه الله- التي سبر فيه رثاء في الراحل الكبير بمشاعر راقية في إمامنا الفقيد، عبَّرت عمَّا في نفس كثيرين منَّا. أمَّا عمله الأدبي الذي وضع فيه خلاصة مقالاته الجميلة، فهو الذي اختار له عنوان: (بعض.. من ثقافة الفتى «مهران»)، وضم مجموعة من مقالاته التي كتبها قبل أن تأخذه المهام الإداريَّة.
وقد وجدتُ نفسي فجأةً أحنُّ إلى الزميل القديم:
(أفتقد «مهران»
كثيرًا هذه الأيام،
أفتقد هدأته وسط الضجيج،
وتجدده في غمرة
الرتابة،
وروحه النشطة المعطاءة في خضم «الروتين» والخمول).
#
نافذة:
(سألت
شيخي عصر ذات يوم:
أيّ الرجال أحق بصحبتي؟
فأجاب «شيخي»
بعد إطراقة -أو قال إطراقتين-:
هم «الرجال» الذين تأنس إلى غيابهم.. كما تأنس إلى حضورهم).
أنور عبدالمجيد الجبرتي
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
