Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سالم بن أحمد سحاب

المال الوفير والخطأ الكبير

ملح وسكر

A A
في أحيان كثيرة وعندما تكون السيولة في المؤسسات كبيرة ومتدفقة، قد تُصنع القرارات بتسرع يفضي إلى ندم بالغ وحسرة شديدة. وفي المؤسسات والشركات العامة الكبرى لا يتضرر صاحب القرار مادياً، بل تتضرر المؤسسة التي يرأسها، وكل الذي يصيب صانع الخطأ هو الإضرار بسمعته القيادية وبقدرته على المحافظة على مؤسسته ناجحة مزدهرة من خلال استثمار مواردها على نحو سليم محافظ بعيداً عن المخاطر المرتفعة، بل المؤكدة من خلال تتبع الظروف والملابسات التي تحيط بيئة الاستثمار المقرر دخولها.

وشركة الاتحاد للطيران (ومقرها أبو ظبي) ربما تشكّل مثالا واضحاً على (سخاء) الإنفاق دون دراسة متأنية جادة لحجم المخاطر التي قد تترتب عليه. الخلاصة أن الاتحاد للطيران بقيادة البريطاني (جيمس هوغان) استثمرت في الناقل الجوي الوطني الإيطالي (أليطاليا) على أمل أن تُعاد هيكلة الشركة لتنتقل من حالة الخسارة المستمرة والنزف المرهق إلى حالة أكثر قوة وحيوية بعد خفض تكاليف التشغيل الباهظة، ومنها عدد الموظفين المرتفع وأجورهم الباهظة.

واستمر الرهان على هذا (الأمل) منذ عام 2011م، والاتحاد للطيران مستمرة في ضخ مزيد من الأموال التي تجاوز مجموعها 600 مليون دولار، ولينتهي الحال إلى رفض موظفي (أليطاليا) بأغلبية كبيرة خطة إعادة الهيكلة، ولتذهب استثمارات الاتحاد للطيران سدى إذ بلغت ديون الناقل الإيطالي قرابة 3 مليارات ونصف المليار دولار، مما قد يدخلها في حالة إفلاس بعد اشتداد مطالبة الدائنين بحقوقهم. طبعاً اضطر هوجان لترك منصبه مجبراً لا بطل.

صحيح أن اغتنام الفرص محمدة، لكن اقترانها بمخاطر عالية يجعلها أقرب إلى التهور منها إلى التريث والتعقل. وفي العالم حالات كثيرة مشابهة حدثت في مؤسسات عدة ، إذ مهما بلغت حنكة صاحب القرار فيها وبراعته ، فهو ليس محصناً ضد الوقوع في براثن الخطأ. وقبل عقد من الزمان أو أكثر قررت شركة مرسيدس بنز الألمانية الاستحواذ على شركة كرايزلر الأمريكية، ففعلت، لكنها سرعان ما اكتشفت حجم الورطة التي وقعت فيها لأسباب منها تباين الثقافتين الألمانية والأمريكية، فباعت كرايزلر بخسارة كبيرة لشركة فيات الإيطالية التي نجحت بامتياز في الشراكة الجديدة.

الدروس كثيرة لمن شاء أن يستفيد .

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store