غاية الأمل لدى كل مؤمن صائم قائم عابد القبول في هذا الشهر الفضيل والفوز بالجنة، وبالحسنى وزيادة.
والجميل في الجنة أولاً التخلص من منغصات الدنيا، أو حتى متطلباتها الشائكة! فليس في الجنة معاملات تُتابع ولا مراجعات في دوائر حكومية تثير أعصاب الحليم، وتقضي على صاحب الجسد العليل. وليس في الجنة «طلبات»، ولا «مشتروات»، ولا تبذير للمال، ولا تعب وكدّ في تحصيله، ولا نكد في إنفاقه. وليس في الجنة قضايا في المحاكم ولا الوزارات، ولا لدى شركات التأمين. وليس فيها «ساهر» ولا «ساند» ، بل فيها «أبشر» لكل «رغبة» يريدها صاحبها.
وليس فيها طبعاً من يطالب بإيجار مسكن أو قسط فيلا، وليس فيها دار تخر منها المياه إذا أمطرت، ولا إسفلت مهربد من كثرة ما يُحفر وُيدفن. والجوار فيها من الطيبين والطيبات والمحسنين والمحسنات.
وليس فيها شيء من ضنك السفر ومتاعبه، فلا حجوزات ولا تأشيرات ولا جوازات ولا تأخير ولا بهدلة. وليس في الجنة مرضى يعانون، ولا فقراء بائسون، ولا أغنياء يماطلون، ولا طغاة مجرمون، ولا قتلة سفاكون، ولا لصوص ينهبون، ولا مرتزقة يقتلون.
ومن الجميل فيها حقاً غياب أصناف من البشر أسماهم الله (المنافقين) لأن مكانهم المقرر لهم هو الدرك الأسفل من النار. تلك الوجوه الشائهة والألسن الكاذبة والقلوب التي على الدين حاقدة هي بعيدة كل البعد عن دار الخلود، فلا بغضاء تؤلم ولا غمز ولا لمز ولا صفاقة ولا استعداء ولا عداء.
أما الأجمل على الإطلاق فاستمتاع أهل الجنة برؤية خالق الجنة: إنها الحسنى وزيادة. ما أعظمه من عطاء، وما أجلها من نعمة، وما أكبرها من مكافأة لأولئك الذين أحسنوا في الدنيا العمل، لا أولئك الذين سعوا في ميادين الضلال بلا ملل ولا كلل.
ما أعظم الجزاء الذي يجود به الرب الحليم العليم الكريم، ويمتن به على عباده المؤمنين الذين صبروا في هذه الحياة الزائلة على نكدها وحقارتها ووضاعة وسفاهة أهل النفاق فيها.
(وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ ، أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ )!.