في تبجُّح وصلافة، احتفت أوساط سياسية عديدة في إيران بإطلاق قوات الحرس الثوري ستة صواريخ باليستية على مواقع في دير الزور السورية، قال بيان للحرس الثوري إنها لداعش، وإن إطلاق الصواريخ كان ردًا على تفجيرات طهران (البرلمان وقبر الخميني)، الذي تبناه تنظيم داعش الإرهابي.
هذه هي المرة الأولى التي تطلق فيها إيران صواريخ باليستية خارج حدودها، وهو ما أعطاها زخمًا داخليًا كبيرًا بين السياسيين والعسكريين والنواب الإيرانيين، فتسابقوا واحدًا تلو الآخر للإشادة بهذه الخطوة، فوزير الخارجية محمد جواد ظريف غرّد قائلًا: «القدرات الصاروخية الإيرانية تحمي المواطنين بالدفاع المشروع عن النفس، وتعزز تقدم الحملة للقضاءعلى تنظيم داعش والإرهاب المتطرف»، أما بهرام قاسمي المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية فقد وصف الهجوم بأنه: «رد حازم في توقيت مناسب».
بالتأكيد لن أجادل في تفكيك بعض من هذه التصريحات لأمرين اثنين، أولهما أنها صادرة عن حالة حماس وفورة انتصار، وكثير من هكذا حالات تفقد مصداقيتها ودقتها. وثاني الأسباب أن بعض هذه التصريحات مليء بالمغالطات والألاعيب التي تعوّدناها من الساسة والمسؤولين والنواب والعسكريين الإيرانيين، وخير دليل، قول وزير الخارجية «إن الهجمات الصاروخية كانت دفاعًا مشروعًا عن النفس»، فأي دفاع هذا في بلد وأرض تبعد مئات الكيلو مترات عن حدود إيران، وتنتهك أراضي دول أخرى بمرورها فوق أراضيها، كما هو حال العراق.
لكن الخطير والواجب الانتباه إليه، ما صرّح به نائب رئيس البرلمان الإيراني علي مطهري تعليقًا على إطلاق الصواريخ حيث قال: «إن إطلاق الصواريخ رسالة موجهة إلى أطراف دولية، على رأسها السعودية وأمريكا، وعند الضرورة سنتخذ الخطوات المطلوبة وبالتوقيت المناسب وسنستخدم قوتنا الصاروخية».
لغة منفلتة كهذه أوجهها أولًا لأحبائنا الذين أزعجونا ليل نهار بعدم خطورة إيران على المملكة، وبأنها قوة إقليمية تسعى إلى استقرار المنطقة، وأن المنطق والحكمة السياسية تستدعي اعتبارها حليفًا وصديقًا..!؟ ثم أقول وبكل جزم أن مثل هذه التصريحات إنما هي تسويقية وأسلوب إيراني معتاد لإظهار إيران وكأنها قوة إقليمية كبرى، بينما الحقيقة أنها ليست سوى نمر من ورق، فالداخل الإيراني يغلي بالمشكلات والتناقضات، التي يسهل تحريكها، لتتحول إلى قنابل متفجرة تأتي على الأخضر واليابس. كذلك قدرات إيران الصاروخية قوية فقط على أراضٍ مثل الأراضي السورية، لأنها غير محمية بأنظمة دفاعية ضد الصواريخ، وهي أرض أصبحت مشاعًا تتحرك فيها مئات الجماعات المسلحة وعشرات القوات لدول عالمية وإقليمية، وقوة إيرانية الوحيدة هي فقط في عدد الجند والحماس الأيديولوجي والعرقي.
المملكة العربية السعودية في المقابل لديها من القوة العسكرية ما يفوق القدرات الإيرانية، خاصة في أنظمة الدفاع الجوي أو سلاح الطيران المتطور جدًا، كما أن لديها نظام صاروخي متطور وضح في المناورات التي أجريت قبل أعوام في شمال المملكة، ناهيك عن أن التهديد الإيراني للولايات المتحدة الأمريكية يشبه تهديد رجل مسن ضعيف البنية لشاب مفتول العضلات، فالقدرات العسكرية الأمريكية بإمكانها مسح إيران من الخارطة قبل قيامها بأي عمل عسكري، أو حتى إطلاق صاروخ باليستي، وهذه ليست مبالغة، لأن معظم الأسلحة الموجودة في الترسانات العسكرية العالمية إنما هي اختراع أمريكي بحت.