في هذه الأيام تبدأ مواسم الهجرة لأغراض السياحة، فمنهم مَن يُهاجر مؤقتًا إلى خارج البلاد، ومنهم إلى داخلها.. ومنهم مَن يصطحب العائلة الموقرة، ومنهم مَن يُصاحب رفقاءه وحسب، ومنهم مَن يُهاجر وحيدا.. وأعرف أناسًا يسافر مرة مع الأسرة السعيدة (لزوم) أداء الواجب السنوي المعتاد، ثم بعد العودة يبدأ موسم الهجرة مع الرفقة.
وهو لا يرى الإثارة والمتعة في أوجها إلاّ معهم، وفي وجودهم، وفي خارج الوطن غالبًا.. ليس شرطا أن يكون استمتاعا غير بريء عياذا بالله، بل هو استمتاع مختلف بنكهة مختلفة وبخلفية مختلفة مع رفقة مختلفة.. طبعا وكثير لا يغادرون بيتهم ودورهم قيد شبر إلاّ قليلا وقريبا.
هذه المشارب والأفكار والأذواق هي جزء من طبيعة التنوع البشري، التي كتبها الله على العباد، والسعيد من حاول تطويعها للخير والاعتدال والبعد عن الزلل، ما كبر منه وما صغر.
ولأن ودروس السفر كثيرة ومتعددة، وتغطي جوانب واسعة من حياة الإنسان، فقد سطّر بعض المفكرين قديما وحديثا عن أسفار السياحة كثيرا من العبارات والأفكار الجديرة بالتأمل، فلعلَّ بعضها يُغيِّر من فلسفة السائح واهتماماته وخططه ونظرته لكيفية التعامل مع هذا النشاط الحيوي المهم بالنسبة لكثير من خلق الله في كونه الفسيح.
مثلا من الناحية المعرفية والتربوية، يقول مارك توين: (السفر يقهر التحيز والتعصب وضيق الأفق).. هنا يتعلم السائح مثلا أن ازدراء مجتمع بناء على تجربة شخصية هو عين الظلم ومنتهى الجور.. وتلكم جزء من تربية النفس على جمع الحقائق من الميدان لا من تجربة فلان أو علاّن.. ويؤكد ذلك المثل الصيني الذي يقول: (لا تستمع لما يقولونه، بل اذهب لترى!). ويقول في السياق نفسه الكاتب الراحل مصطفى أمين: (رحلة إلى الخارج تساوي قراءة ألف كتاب).
ويقول مفكر آخر: (السياحة هي اكتشاف أن الجميع مخطئون في رأيهم عن الدول الأخرى). وأختم بمقولة أحدهم: (السفر في الصغر جزء من التعلم، وفي الكبر جزء من الخبرة).
في الأسفار فوائد، شريطة أن تكون من جملة الأهداف هذه الفوائد.