لَو فَتَحتَ أَي كِتَاب مِن كُتب تَطوير الذَّات، لوَجَدتَ أَنَّهَا جَميعًا تُركِّز عَلى تَفعيل خَاصيّة: «تَحمُّل الإنسَان مَسؤولية أَخطَائه»، لأنَّ الاعترَاف بالمَسؤوليَّة وتَحمُّل الخَطَأ، مِن أَهم أَجزَاء الحَركَة التَّصحيحيَّة لمَسيرة الإنسَان..!
ولَو أَردنَا إلقَاء نَظرَة سَريعة عَلى النّصُوص الدِّينيَّة، لأَدركنَا عَلى الفَور؛ أَنَّ الإسلَام أَعطَى الإنسَان حُريّة التَّصرُّف والاختيَار، ولَكنَّه فِي نَفسِ الوَقت؛ جَعلهُ مُحاسَبًا عَلى أَفعَالهِ واختيَارَاتهِ ومُعتقدَاته، فـ»كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ»، والكُلُّ مَسؤولٌ عَن أَفعَالهِ وأَقوَالهِ ونَوايَاه..!
يَقول البَاحث «أكرم عثمان» فِي كِتَابه: «التميُّز فِي فَهم النَّفسيَّات» -نَقلًا عَن الفَيلسوف «شيلر»-: (أَشَار «ماكجروا» أَنَّ المُشكِلَة هي: أَنَّ إلقَاء اللَّوم عَلَى الآخَرين؛ مِن طَبيعة النَّفس البَشريَّة، والهرُوب مِن تَحمُّل المَسؤوليَّة، هو وَسيلَة للدِّفَاع عَن النَّفس.. وعِندَما تُلقي اللَّوم عَلى الطَّرف الآخَر بقسوَة، سيَختَل تَقييمك للأمُور، فأَفضَل وَسيلَة للتَّحكُّم الحَقيقي فِي حَيَاتِك، هي أَنْ تَكفَّ عَن هَذا التَّفكير مِن الآن، لَا تُحاول أَنْ تُلقِي اللَّوم عَلى أَي شَخصٍ آخَر، وإلَّا، فستَستَمر فِي القَضَاء عَلى أَيَّةِ مُحَاولة؛ يُمكن أَنْ تَقوم بِهَا، لكَي تُحقِّق نَجَاحًا)..!
إنَّ المِيزَة الأَسَاسيَّة لمُحَاسبة النَّفس هي: حَثّ الإنسَان عَلى تَجديد حيَاته، وتَغيير مَسَاره، إذَا كَان الأَمْر يَتطلَّب ذَلك، أمَّا أُولئِك الذين يُعلِّقون فَشَلهم عَلَى الآخَرين، أَو يَبحَثون عَن أَسبَاب ليُبرِّروا بِهَا عَجزهم، فلَن تَقوم لَهُم قَائِمَة، ولَن تَستَقيم لَهُم طَريقَة نَاجِحَة، لأنَّهم فِي مَأمن مِن المُسَاءَلة، التي تُولِّد النَّجَاح. والمُحَاسبَة، التي تُرشد إلَى الطَّريق الصَّحيح..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: يَا قَوم، حَاسِبوا أَنفسكُم قَبل أَنْ تُحَاسَبوا، وابتَعدُوا عَن جَعْل الآخَرين شَمَّاعَة لأخطَائِكُم. فإذَا كُنتُ أَملُك شَيئًا مِن النَّجاح فهو -عَلَى مَا أَظنُّ- رَاجِع إلَى التَّوكُّل عَلَى الله، ثُمَّ ابتَعَادي عَن إلقَاء مَسؤولية فَشلي؛ عَلى أَي طَرفٍ مِن الأطرَاف، أَو ظَرفٍ مِن الظّرُوف، رَغم أنَّني كُنتُ مُحَاطًا بالظُّروف السيّئة؛ مِن كُلِّ الجِهَات..!!