Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

المِهن الشريفة ليست حكراً على الوظيفة

الحبر الأصفر

A A
يَبدو أَنَّنا نَتَّجه إلَى السَّير نَحو الطَّريقَة المِصريَّة؛ فِي أَنمَاطِ العَمَل، واتِّجَاهَات الوَظَائِف، وأَعنِي بذَلك التَّنازُل عَن التَّخصُّصَات النَّظريَّة، والأعمَال المَكتبيَّة، والاتِّجَاه إلَى الحِرَف، والعَمَل فِي المَصَانِع، لأنَّ ذَلك هو المَطلوب فِي سُوق العَمَل، وهو أَيضاً يُوفِّر دَخلاً مُغرياً؛ لكُلِّ مِن يَعمل فِيهِ..!

دِولٌ كَثيرة سَبقتنَا فِي التَّخصُّصَات النَّظريَّة، وكَانوا يَتفَاخرون بالشَّهَادَات الجَامعيَّة، أَو الدَّرجَات العِلميَّة العَالية، كَمَا نَفعَل الآَن، ولَكنَّهم مَع مرُور الوَقت، استَسلموا لطَلبَات السُّوق وسُنَّة الوَاقِع، لذَلك رَموا الشَّهَادَات وَرَاء ظهُورهم، وبَحثُوا عَن مِهنٍ يَحتاجهَا سُوق العَمَل..!

وحَتَّى لَا يَكون كَلامي مِن الخيَال، أَو تَخرُّصَات القَلم، دَعونَا نَستَشهِد بهَذه القصَّة، التي وَردَت فِي مُذكِّرَات الأَديب الكَبير «نجيب محفوظ»، حَيثُ يَقول: (حَكَى لِي صَديقي المُخرج السِّينمَائي «توفيق صالح»، أنَّه زَار ابنَته ذَات مَرَّة، فوَجدهَا مَهمومة، لأنَّ الرَّجُل الذي يُنفِّذ لَهَا أَعمالاً فِي بَيتهَا، تَأخَّر عَن مَوعده، ولمَا سَألهَا عَن هَذا الرَّجُل قَالت: إنَّه يَعمل فِي الصَّبَاح مَأمور ضَرائب، وفِي المسَاء يَقوم بأَعمَال «السِّبَاكَة». وهَذه ظَاهرة طيَّبة، خَاصَّة إذَا كَان مَن يُمَارسهَا يَحترمها، ويَحترم نَفسه مَعهَا، فهو يَقوم بعَملٍ شَريف لتَرقية حَيَاته، وسَدّ احتيَاجَاته، وسَوف يَنظر المُجتَمع -بالتَّدريج- إلَى مِثل هَذه الظَّاهِرَة بالاحترَام، لأنَّها سَعيٌ شَريف مِن أَجل الرّزق، ومُحاولة للبَحث عَن النَّجَاح فِي أَي مِهنَة، ذَات مَوَارد جَيَّدة، قَد تُغني عَن الوَظيفَة الحكوميَّة، بصَرف النَّظَر عَن الشَّهَادَة الجَامعيَّة، التي يَحملها صَاحبها، والتي يَنبغَي أَنْ يَكون الأَصْل فِيهَا هو: التَّحصيل والتَّعليم أوّلاً وقَبل كُلّ شَيء)..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: يَا قَوم، تَدبَّروا القصَّة المَاضية، ومَن يَدري لَعلَّها تَفتَح لَنَا آفَاقاً جَديدَة للعَمَل، خَاصَّة وأنَّ السُّوق لَدينَا مُتعطِّش للمِهن اليَدويَّة، ويُنادي بضَرورة سَعودتهَا..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store