يشهد الداخل الإيراني غليانًا سياسيًا يعكس حالة التفكك والهشاشة التي يعيشها نظام الملالي والذي يسعى جاهدًا إلى التعتيم عليه وإظهار صورة القوة والتماسك خارجيًا بتهديدات ومزايدات لتبدو إيران وكأنها بالفعل دولة قوية سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا.
محمد جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني هاجم بعنف الرئيس حسن روحاني بسبب تصريحاته ضد تدخل قوات الحرس الثوري في الشؤون الداخلية لإيران وخاصة الاقتصادية حين وصف ذلك بقوله: «جزء من الاقتصاد بيد حكومة لا تملك البندقية تسلمته حكومة تملك البندقية.. والمستثمرون يخافون حكومة لم تملك البندقية فما بالكم بتسلم حكومة تملك الاقتصاد». وروحاني في هذا يشير إلى سيطرة مجموعة ما يعرف بمجموعة «خاتم الأنبياء» الذراع الاقتصادية للحرس الثوري على ما مقداره حسب تقديرات اقتصاديين 40% من اقتصاد إيران وهو ما يسبب بحسب حكومة روحاني «هروب المستثمرين».
جعفري في دفاعه عن مؤسسته «الحرس الثوري» وردًا على الرئيس روحاني قال بكل عنف: «إن الحرس الثوري يتعرض لهجمة في حين إيران تحتاج قوة صواريخ أكثر من أي وقت مضى.. وحكومة بلا بندقية محكومة بالحقارة والاستسلام أمام الأعداء». كما انتقد موقف روحاني وحكومته واتهمهم بأنهم: «خلف انقسام الإيرانيين إلى قطبين وهميين وأن الحكومة تهرب إلى الأمام وتتخلى عن تنفيذ تعهداتها المتعلقة بمعيشة الناس واقتصاد إيران وأن أساليبها غير مجدية». ولهذا فحسب رأيه: «فإن الحرس الثوري عازم بكل الأشكال على تعويض الخلل الموجود على صعيد المعيشة وتقليل الأوجاع الاقتصادية».
جذب هذا التوتر أطرافًا إيرانية عدة إلى مناصرة طرف ضد آخر، فالمرشد علي خامنئي وخلال لقاء مع مسؤولين إيرانيين أشار إلى إمكانية تكرار عملية عزل الرئيس الإيراني الأول بعد قيام الثورة الإيرانية أبو الحسن بني صدر في عام 1981م بعد ما تسبب حسب قول المرشد: «في انقسام الإيرانيين إلى موافق ومخالف للنظام». بل إن محسن اجئي المتحدث باسم القضاء الإيراني قال بكل صراحة: «إن تشويه الشخصيات المؤثرة والأجهزة الثورية تُظهر أن فتنة جديدة في الطريق.. فالتشويه يتزايد اليوم ضد الحرس الثوري والباسيج والشخصيات المؤثرة والجهاز القضائي وأن تحركًا خطيرًا يحدث في البلد». ولم يخف في نفس الوقت الإشارة إلى إمكانية حدوث حالة عزل للرئيس كما حدث مع بني صدر بقوله: «بني صدر الأناني والمغرور بأصوات الشعب بدأ بالإساءة وتشويه الشخصيات والأجهزة الثورية واحتقر الشعب بدلًا من حل مشكلاته».
وصول الحالة إلى هذا المستوى من التهديد والوعيد بين أطراف السلطة الإيرانية يوحي بواقع الداخل الإيراني الفعلي المتأزم والقابل للانفجار وبما يؤدي إلى تغيير نظام الملالي بالكلية وهو ما دفع بنائب رئيس البرلمان الإيراني علي مطهري إلى توجيه نداء للطرفين: «على المسؤولين الجلوس وجهًا لوجه لإجراء حوار بدلًا من الرد عبر شبكات التواصل الاجتماعي.. فالحوار المباشر في صالح البلد ومن الأفضل ألا يستمر هذا النزاع». كما أن محسن اجئي حذر من أن ما يحدث من تلاسن قد «يؤدي إلى تكرار أحداث عنف داخلية كتلك التي شهدتها إيران في عام 1981م» إبان عزل بني صدر.
ما يحدث في إيران حاليًا ليس سوى تأكيد على حالة اللا استقرار التي تشهدها إيران نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتنازع السلطة بين مؤسسات الرئاسة والمرشد الأعلى والحرس الثوري والباسيج وبعكس ما تصوره البرونجندا الإيرانية أو المغرورين بها من أن إيران قوية ومستقرة.