تعجُ السياسة الإيرانية داخليًّا وخارجيًّا بالعديد من الاختلالات التي توضح مدى هشاشة نظام الملالي والمؤسف أننا فى الوقت الذي نعاني منه كعرب وبشدة من العنصرية الفارسية التي تُسير تلك السياسات، إلا أننا كمؤسسات سياسية أو إعلامية لم نستثمر هذه الاختلالات لفضح واقع إيران ولإشغال الملالي وتابعيهم بأنفسهم وبما يدور داخل إيران ذاتها منعاً لأذاهم وأبعاده عن محيطنا العربي.
قبل أيام وقعت حادثة لم تنقلها سوى قناة «سكاي نيوز عربية» الإخبارية بالصوت والصورة تُدلل بوضوح على الخوف المسيطر على ساسة إيران من العرب وعدم قبولهم بأي اختلاف مع توجهات طهران حتى ولو كان ذلك الاختلافُ من حلفاء عرب قريبين لهم. تمثلت الحادثة في مقتل الشيخ نعمة هادي آل عيسى أحد شيوخ عشيرة آل عيسى من مدينة كربلاء العراقية في مدينة مشهد الإيرانية. الحادثة ليست عملية قتلٍ فقط إنما كانت عملية «تصفية» كما وصفها أبناء العشيرة. فقد تمت عملية التصفية بصورة وحشية جدًّا حيث تم قتل الشيخ وحرق جثته ورميه من مكان مرتفع كما في الأفلام وسلوكيات رجال العصابات والمافيا، وهو ما أثار عشيرة آل عيسى ووصفهم لما حدث بالتصفية ورفضهم حضور ممثل «لكتائب بدر» الإيرانية مجلسِ العزاء.
وَمِمَّا يزيد في تأكيد أبناء العشيرة على أن ما تم كان «تصفية» أن الشيخ نعمة انتقد في أيامه الأخيرة بعضًا من السلوكيات الإيرانية داخل العراق كما أبدى عدم موافقته على بعض مما يقوم به الإيرانيون وتابعوهم من العراقيين. وَمِمَّا يزيدُ الصورة حبكةً دراميةً أن عشيرة آل عيسى من العشائر والفصائل العراقية الموالية لنظام الملالي في طهران، فهم كما صرح عدد من شيوخهم لقناة «سكاي نيوز عربية»: «قدمنا للإيرانيين كل دعم ومع ذلك تتمُ تصفيةُ أحدِ شيوخنا..؟»
من المعروف أيضاً أن كربلاء ذاتها لها وزن كبير لدى أبناء الطائفة الشيعية كون قبر الحسين بن علي رضي الله عنهما فيها إضافةً لمرجعيتها الدينية وشأنٌها الكبير بينهم، وإن كانت إيران تنازعها ذلك بمحاولة جعل مرجعية مدينة قم الإيرانية الأكثر حضورًا وتأثيرًا بين كل المنتسبين للمذهب الشيعي.
حالة التحالف بين العشيرة والنظام الإيراني لم تمنع أبناء العشيرة من اتهام إيران مباشرة بتصفية الشيخ ومطالبتهم لنظام طهران والحكومة العراقية الكشف الكامل عن تفاصيل الحادثة ومرتكبيها.
هذه ليست الحادثة الأولى التي يقوم فيها نظامُ الملالي بتصفية أحد حلفائهم من العرب وبالتأكيد لن تكون الأخيرة فما يُسيّر هذا النظام عقلية فارسية عفنة لا ترضى أبدًا إلا بتبعية عربية كاملة عمياء وطاعة كاملتين وأي معارضة أو نقد أو اختلاف سيكون مصيره التصفية الجسدية بطريقة وحشية كما حدث مع الشيخ نعمة، فطريقة قتله وحرق جثته ورميه البشعة ليست سوى إشارة من نظام الملالي بمصير كل من تسول له نفسه الخروج من بيت الطاعة الإيراني. فهل تلتفت وسائل الإعلام العربية لمثل هذه الحوادث لفضح ممارسات نظام فاسد ولتعريته لأبناء الأمة العربية عسى أن يفيق البعضُ منهم ممن يَرَوْن في نظام الملالي حليفًا موثوقًا..؟